إن شريعة الإسلام جاءت ببذل الأسباب، والدعوة إلى التداوي. والتداوي والاستشفاء لا يتنافى مع التوكل على الله تعالى، بل إن بذل الأسباب من التوكل؛ لأن الله أمرنا باتخاذ الأسباب، وكل ما أمرنا الله به؛ امتثالا لأمره؛ توكلا عليه. قال تعالى لمريم: “وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا” مريم: 25. وقال لنوح: “وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا” هود: 37. وقال لموسى: “فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا” الدخان: 23. وقال للوط: “فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ” الحجر: 65. وقال تعالى: “وَقُلِ اعْمَلُواْ” التوبة: 105. وأمثالها من الآيات كثير. هذه هي أسباب، غير أن القلب مأمور بالارتباط بالله، لا بالسبب، فالله تعالى خالق كل سبب، الأسباب والمسببات، فوجب أن يكون التوكل عليه وحده؛ محل انعقاد القلب.
الشريعة جاءت فيها أصول العلاج؛ كالشفاء، وأصول التداوي، ومن قرأ في نصوص الشرع تعرف على هذه الأصول؛ ففي مجال الطب الوقائي في صحيح البخاري من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم “من _اصطبح _بسبع تمرات عجوة لم يضره ذلك اليوم سم ولا سحر”. وفي سنن الترمذي من حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم “ما من عبد يقول صباح كل يوم ومساء كل ليلة: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، ثلاث مرات، لم يضره شيء”.
وفي صحيح البخاري من حديث عقبة بن عمرو بن ثعلبة رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم “مَنْ قرأَ الآيتيْنِ من آخِرِ سُورةِ البقرَةِ في ليلةٍ كَفَتَاهُ”. وجاء عنه عليه الصلاة والسلام إرشادات عظيمة، وتوجيهات كريمة، وعلاجات متنوعة، يطول المقام بذكرها، أو الإشارة إليها. وقد جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: “ما أنزل الله من داء إلا أنزل له شفاء”. وفي المسند من حديث ابن مسعود رضي الله عنه عنه صلى الله عليه وسلم “إن الله عز وجل لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء، علمه من علمه، وجهله من جهله”. وفي الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم: “إنما الحمى من فيح جهنم، فأبردوها بالماء”. نسأل الله تعالى أن يصرف عنا، وعن المسلمين الوباء.