من المرتقب أن يلتقي الرئيس اللبناني ميشال عون برئيس الحكومة المكلف مصطفى أديب، الاثنين، وسط تكهنات بالإعلان عن تشكيل الحكومة المقبلة.
ونقلت الأناضول عن مصدر مقرب من الرئيس عون، قوله إن “أديب سيرشّح خلال اللقاء الأسماء (الوزراء) للحكومة المقبلة”.
وبشأن ما إن كان عون سيوقع على هذه الأسماء أم لا، أجاب المصدر: “ممكن أن يوقّع وممكن أن لا يوقّع”.
ويضغط الرئيس الفرنسي، الذي زار لبنان مرتين منذ انفجار مرفأ بيروت مطلع الشهر الماضي، على الساسة اللبنانيين للوفاء بوعودهم بتشكيل حكومة جديدة خلال الأسبوع الجاري.
وكلّف عون، في 31 أوت الماضي، أديب، وهو سفير سابق لدى برلين، بتشكيل حكومة جديدة.
وستخلف حكومة أديب حكومة حسان دياب، التي استقالت في 10 أوت الماضي، بعد ستة أيام من انفجار ضخم في مرفأ العاصمة بيروت، تسبب في خسائر بشرية وأضرار مادية هائلة تتجاوز قيمتها الـ15 مليار دولار، بحسب تقدير رسمي غير نهائي.
وبرزت في الساعات القليلة الماضية عقدة متمثّلة في حقيبة المالية، حيث يتمسك بها كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري، وجماعة “حزب الله” اللبنانية.
وكانت وزارة الخزانة الأمريكية قد أدرجت الثلاثاء الماضي على “القائمة السوداء” كلا من زير الأشغال السابق، يوسف فنيانوس، ووزير المالية السابق، علي حسن خليل، وهو محسوب على بري، رئيس البرلمان، رئيس حركة “أمل”.
وقال النائب عن حركة “أمل”، محمد نصر الله: “نود المشاركة في الحكومة لنقوم بواجبنا في إدارة شؤون البلاد في (ظل) الإمكانيّات المتوفرة لدينا إن كان في المجلس النيابي أو في مجلس الوزراء”.
وأضاف نصر الله لـ”الأناضول”: “لكن وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه من خلال افتقادنا لحصتنا في وزارة المالية.. لا توجد أي محاولة لعرقلة الحكومة، ولكن قرّرنا عدم المشاركة”.
وتابع: “عدم المشاركة مربوط بعدم إعطائنا حصتنا الطبيعية في مجلس الوزراء وإذا اعطينا حقنا طبعا سنُشارك”.
وعن سبب تمسّك حركة “أمل” بحقيبة المالية، ردّ نصر الله: “بالعرف العام ومناقشات اتفاق الطائف عام 1990 (أنهى حربا أهلية)، جرى التوافق على أن تكون المالية للطائفة الشيعية؛ لأن المراسيم توقّع من رئيس الجمهورية (مسيحي ماروني) ورئيس مجلس الوزراء (مسلم سنّي) ووزير الماليّة، وعندها يكون هناك شراكة بهذه المراسم للطوائف الثلاث”.
وأردف: “تنازلنا عن الحقيبة لمرتين أو أكثر لا يفقدنا حقنا فيها”.
وحول ما إن كان نواب “أمل” سيستقيلون من البرلمان، أجاب بأن “الاستقالة غير واردة، ولكن إذا الرئيس عون وقّع على تشكيلة الحكومة فستكون حكومة أديب موجودة وسنتعامل معها على هذا الأساس”.
واستطرد: “يمكن أن نمنحها الثقة في المجلس النيابي ونساعدها ونعارضها من المجلس في حال لزوم ذلك”.
وزار سعد الحريري، رئيس الحكومة السابق، زعيم تيار المستقبل (سُني)، بري لحلّ مسألة حقيبة المالية وبحث مستجدات الملف الحكومي، لكن لم يتم التوصل إلى نتيجة.
وحلت حكومة دياب الراهنة، منذ 11 فيفري الماضي، محل حكومة الحريري، التي استقالت في 29 أكتوبر الماضي، تحت ضغط احتجاجات شعبية.
ويعاني لبنان أسوأ أزمة اقتصادية منذ الحرب الأهلية (1975- 1990) واستقطابا سياسيا حادا، في مشهد تتصارع فيه مصالح دول إقليمية وغربية.
ورأى منير الربيع، الكاتب والمحلل السياسي، أن “عون بات محرجًا، ولتجنّب المزيد من العقوبات على المقرّبين منه وعلى وزير الخارجية السابق، جبران باسيل، لن يكون قادرا على عرقلة تشكيل الحكومة وعدم التوقيع على تشكيلتها”.
وتابع الربيع لـ”الأناضول”: “عون إمّا يوافق على التشكيلة في حال تضمّنت إحالة وزارة المالية إلى الطائفة الشيعية ووافق الثنائي الشيعي (حزب الله وأمل)، أو يطلب الاستمهال لمزيد من التشاور والتعديلات على التشكيلة، وبالتالي كسب مزيد من الوقت”.
وبشأن ما إن كان عون سيوافق على حكومة من دون الثنائي الشيعي، أجاب بأن “عون لا يفضل الذهاب إلى مواجهة أو صدام مع الثنائي الشيعي، ولا إلى قطع العلاقة مع حزب الله”.
ويعتبر عون وحزبه “التيار الوطني الحر” من أهم حلفاء “حزب الله”، وساهم الأخير في وصول عون للرئاسة، عام 2016، بعد تبني ترشيحه، ضمن صفقة أوصلت الحريري لرئاسة الحكومة.
واستدرك: “لكن إذا أصرّ أديب على تشكيلته، وسُلّمت التشكيلة بما فيها شخصية شيعية تتولّى وزارة المالية، فلا بدّ لعون أن يوقّع، وعندها ستذهب الحكومة إلى مجلس النواب لنيل الثقة”.
واستطرد: “التيار الوطني الحرّ، أي الكتلة التابعة لعون، لا بدّ أن تعطي الحكومة الثقة، وفي حال لم تفعل فسيكون عون و(جبران) باسيل (رئيس التيار) في ورطة وبمواجهة التهديد الأمريكي، وبالتالي فإن الكرة تكون في ملعب الثنائي الشيعي، وهو يرفض المشاركة في الحكومة في حال لم ينل وزارة الماليّة”.
وتابع: “حاليا هناك مفاوضات حول الاسم الشيعي لوزارة المال.. إذا توفّر التوافق تسير الحكومة، وإذا لم يتوفّر فسنكون أمام معارضة الشيعة والذهاب إلى إسقاط هذه الحكومة بحجّة الميثاقيّة”.