لست متسولة

لست متسولة

تريدها حربا لا تنتهي كحرب داحس والغبراء قديما، تلك الحرب المشهورة عبر التاريخ..

حسنا أوافق على ذلك يا سيدي، فالحياة بكاملها معركة، فلا بأس إن أصبحت أنا جندية لا تأخذ قسطا يسيرا من الراحة، بل تحارب باستمرار ودون أن تحظى بهدنة ولو مؤقتة، فالهدنة كما تعلم مطلوبة في كل الحروب وكذلك الاتفاقيات والمفاوضات، لكن مع الأسف أنت لا تعرف هذه الأخلاقيات بل تحارب مثل حيوان في غابة يبحث عن فريسة ليلتهمها فقط لإشباع جوعه،

إذن أنت لا تحارب بل تفترس.

ماذا أفعل أنا؟ كيف أتصرف حيال ما تفعله معي وما تتآمر به مع أعدائي، وأنت تعرف حق المعرفة أنهم يظلمونني باستمرار لأني أخاطب ضمائرهم الميتة وأشعرهم بخطاياهم الكثيرة، كيف تتحالف معهم ضدي وأنت تعلم أنهم حثالى كاذبون، ماكرون، يريدون إزاحتي عن طريقهم حتى لا أفشل مخططاتهم الحقيرة

وأبرز نواياهم الشريرة ومكرهم وهم يتلاعبون بأموال العامة

ومصائر الموظفين البسطاء، كيف يا سيدي المحترم يا من ظننتك طيبا مستقيما، كيف تتحول إلى آلة يحركها أولئك الشياطين البشرية؟

حينما رن هاتفي النقال في إحدى ليالي شهر رمضان المباركة العظيمة ورأيت الرقم استغربت، تساءلت في نفسي، لابد أن الأمر جلل حتى يتصلوا بي في مثل هذا الوقت من الليل، ولما أجبت المتصلة بي، ازداد عجبي، أخبرتني سكريترتك المحترمة إنها تريد التأكد من أني في عطلة سنوية ومن سمح لي بذلك لأني حسب رأيها لم أطلب الإذن منك ومنهم؟؟

هم، أنت وهم أصبحتم مسلسلا لا ينتهي، حلقة توحي بسيناريو الحلقة التي تأتي بعدها، يا للهول…

مرت أيام قلائل خرجت بعدها من منزلنا، ذهبت تحت حرارة الصيف المحرقة والظمأ يعصر حلقي، ووسط جمع غفير من الناس الذين كانوا يتوافدون إلى مركز البريد للحصول على أجورهم من أجل اقتناء حاجياتهم اليومية، في ذلك الطابور الطويل العريض وصل دوري، وضعت بطاقتي وورقة الشيك البريدي ومرت لحظات أعطتني بعدها عاملة البريد ورقة مكتوب عليها ألف دينار جزائري، ازدادت ضربات قلبي وشعرت بدوار ملأ رأسي، كدت أسقط على الأرض من شدة المفاجأة، وخرجت بصعوبة متجهة إلى منزلنا.

ما معنى ورقة الألف دينار توضع من طرفهم في رصيدي؟؟ لست متسولة… هل تفهم يا سيدي المتواطئ مع شياطين الإنس.. أنا موظفة في مؤسسة ثقافية كبيرة وأنت أيها الآلة المتحركة، يا مدير الموظفين كيف سمح لك ضميرك أن توافق على هذه الجريمة البشعة التي نفذت في حقي، أنت أبشع منهم، أنت أشد منهم قذارة ووضاعة، أنت بلا قلب ولا ضمير، أنت بعت نفسك للشيطان.

ما فعلته جريمة لا تقبلها الأديان السماوية ولا القوانين الانسانية في كل أنحاء العالم، يا من تدّعي البراءة بملامحك وشكلك الخارجي، فعلتك القبيحة أظهرت من أي معدن أنت، فلا تتصنع، لا تتجمل، لا تبتسم، لا تتفوه بكلمات هي أشرف منك ولا تصرح بأقوال هي أكبر منك وأطهر من أوساخك.

أكرهك هذا ما بقي لي أن أقول، وأريدك أن ترحل عنا، ارحل، لا تستحق أن تكون مديرنا، نحن الموظفون نريد رجلا حقيقيا يحمينا من تلك العصابة القذرة التي تسيء لسمعة مؤسستنا المحترمة، أولئك الناس الذين يسرقون أموالنا ويدنسون شرفنا

ويستبيحون كرامتنا وأنت تتواطأ معهم ومعهن، يا لك من قبيح يا لك من منافق كبير ودجال تلعب بالبيضة والحجر… ورقة الألف دينار سأتركها تذكارا مؤلما لحادثة مريرة سوف تذكرني بعد عمر طويل بأني عملت معك للأسف، وأنه لمن مصائب الدهر

وعبثه..

 

بقلم القاصة: أمال عسول