5.4 مليون حالة وفاة سنويا جراء أمراض متعلقة بالتبغ والتدخين
تحيي، الجزائر، اليوم وككل بلدان العالم، اليوم العالمي دون تبغ، وهو مناسبة عالمية أقرتها الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية سنة 1987 وفرصة للحديث عن مضار هذه الآفة التي تنخر جسد المجتمع بكل فئاته،
فابتداء من الطفولة إلى المراهقة مرورا بمرحلة الشباب ووصولا إلى الكهولة وإذا أطال الله العمر إلى الشيخوخة، تجد السيجارة لنفسها مكانا بين أيدي الذكور والإناث أيضا، والمميز هذه السنة تزامن الاحتفاء بهذا اليوم بأيام شهر رمضان، وهو فرصة يعتبرها الكثيرون ثمينة يجدر استغلالها للإقلاع عن التدخين.
لمياء بن دعاس
يعد 31 ماي فرصة للحديث أو التذكير على الأقل بمخاطر الآفة وتبعاتها الصحية الوخيمة والقاتلة، كما يُهدف من خلال هذه المناسبة لفت انتباه والنظر العالميين نحو الآثار السلبية والضارة للتبغ والتدخين وآثاره السيئة على الصحة العامة وتذكير الشعوب بالمخاطر التي يسببها التدخين سواء على حياة الأفراد أو على النواحي الاقتصادية للأسر والمجتمعات معا أو حتى على الثروات الغابية والمحاصيل الزراعية التي تتعرض للحرائق بفعل لفافة تبغ يلقيها عابث لامبالي، ولتفعيل إجراءات المكافحة والسيطرة على هذا الوباء الخطير الذي يسبب ما يقارب 5.4 مليون حالة وفاة سنويا من جراء أمراض متعلقة بالتبغ والتدخين بشكل أو بآخر.
رمضان.. شهر دون تبغ
أصبحنا نعيش اليوم في عصر كثرت فيه التجارب، وكأن الإنسان قد أصيب بهوس التجارب وعدواها في كل ما يمت إلى حياته بصلة، وقد تكون هذه التجارب مجرد واجهة أو مدخل شرعي لممارسة كافة الرغبات والأهواء على اختلاف أنواعها، وحتى تتحول تلك التجارب أخيرا إلى عادة مستحكمة، تُسير الإنسان حسب هواها ورغباتها، عادة التدخين التي تحكمت بعقول الناس على اختلاف مللهم وعلمهم وأعمارهم، ظاهرة أصبحت اليوم تنخر مجتمعنا وتهدد شبابنا، نظرا لانتشارها الواسع في أوساطهم، رغم إدراكهم لمخاطر وآفات وعواقب التدخين التي تؤدي إلى الإصابة بداء السرطان ثم الوفاة.
ويُشكل شهر رمضان الاستثناء خلاف كل شهور السنة، حيث ينعدم التبغ في نهاره، ولكن وبمجرد الآذان هناك من “يكسر صيامه” على سيجارة، وهو ما يعد قنبلة على صحته، في حين هناك من يستغل الشهر في الإقلاع عن التدخين.
وللأطباء… نصيب من التدخين
وإذا كان الكثيرون يعتبرون الأطباء رموزا للصحة، فإن القاعدة تشذ عند بعض هؤلاء، حيث صادفنا وخلال جولة في بعض مستشفيات العاصمة روائح السجائر والدخان في ممراتها، وعند تبادل الحديث مع بعض المنتظرين هناك أخبرونا أن هناك بعض الأطباء والعاملين في قطاع الصحة يدخنون، سواء كان ذلك المدخن طبيبا أو مسؤولا يحمل بيده سيجارة يتعبق رائحتها، حيث أنه من المفروض أن يكون الطبيب خير مثال يقتدى به، ولكن الذي يبدو أن قمة اللاوعي انتقلت عدواها إلى رؤساء الصحة، فكيف لطبيب من المفترض أن يكون خير مثال يقتدى به المريض أن يدخن.
اقتربنا من الدكتورة ريمة، المختصة في طب القلب بإحدى مستشفيات العاصمة وللأمانة فهي الوحيدة التي قبلت الحديث معنا، فقالت إنها تدخن منذ كانت في الطور الأساسي، ومبررها في ذلك عدم اعتناء والديها بها إلى جانب غياب الحوار، بحكم أنهما منهمكان بالعمل في غالب الأحيان، وهي تدرك العواقب الوخيمة للتدخين لأن السجائر تحتوي على مادة النيكوتين ما يجعلها متاحة للامتصاص من خلال الرئة التي تتخرب خلاياها بعد مرور 40 سنة، وتصبح احتمالات الإصابة بسرطان الرئة مؤكدة، فضلا عن صعوبة التنفس، وحاليا هي تعكف على التوقف، وذلك باستعمال طرق مختلفة على غرار ممارسة الرياضة وكذا تناول العلكة لتجنب التفكير في التدخين إلى غاية الإقلاع عنه تدريجيا، مؤكدة في ذات السياق بأن من يدعي لجوءه إلى التدخين بدافع الفرار من المشاكل هو عذر أقبح من ذنب، لأن المشاكل لا تحل بالمشاكل وإنما بالمواجهة على حد قولها، كما أنها حريصة على عدم تكرار مأساتها مع أبنائها بعد زواجها.
الاكماليات والمتوسطات والرجولة المستعجلة
تعرف الأوساط المدرسية، خاصة الاكماليات انتشارا مفزعا لواحدة من السموم التي تنخر بأجسام المراهقين، حيث أن أغلب الذكور المدخنين لا يتعدى سنهم 16 سنة، يجدون فيه تعبيرا عن الرجولة، بالإضافة إلى عوامل أخرى على غرار التقليد وحب الاستكشاف. فحسب علماء النفس، يعتبر المراهقون التدخين وسيلة ناجحة من وسائل تحقيق الذات والتمرد على النفس وعلى الأسرة والمجتمع ككل، ذلك أن شـعور المراهق بالإحباط وعدم القدرة على تغيير الواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي يؤدي إلى تميز نفسية المدخن بالتوتر، القلق، الاكتئاب، الانهيار، الخوف، الملل وضعف الشخصية وانفصالها، كما يمكن أن يكون التدخين نتيجة: لإثبات الذات، تخفيف وطأة المتاعب والمشاكل النفسية والتعويض عن الخجل، وهذا ما يمكن ملاحظته، أما في العديد من الاكماليات والمتوسطات وفي بعض الأحيان الإبتدائيات، نشهد أعدادا كبيرة من المراهقين وهم يداعبون السجائر بأصابعهم الغضة وكلهم نشوة في استظهار رجولة هشة أتعبتها مفاهيم خاطئة عن الحياة في عدم وجود المعين أو عدم قدرته على تحمل المسؤولية في زمن اشتركت في تربية الأبناء مختلف العوامل.
خطوات للإقلاع عن التدخين خلال شهر رمضان
– يجب التفكير في مساوئ التدخين الصحية والمادية، واغتنام فرصة الصيام خلال شهر رمضان من أجل التوقف عن التدخين.
– يجب استشارة الطبيب أو المراكز المختصة التي تساعد على الاقلاع عن التدخين، وذلك من أجل الاستعانة بأدوية الإقلاع عن التدخين والتقليل من أعراض ترك التدخين.
– ترك التدخين هو قرار مدعم بتخطيط سليم، لهذا ينصح الأشخاص الذين يرغبون في الإقلاع عن التدخين في رمضان بشرب الكثير من الماء عند الإفطار.
– لتجنب الأرق أو التوتر عند موعد النوم يجب على الشخص الذي ينوي الاقلاع عن التدخين أن يمارس أنشطة يرغب فيها كالقراءة أو مشاهدة التلفاز، الرياضة.
– يحتاج المدخن إلى فترة تهيئة من 3 أيام إلى أسبوع، يقلّل خلالها عدد السجائر اليومية تدريجياً إلى أقصى حدّ ممكن، وعلى سبيل المثال، يمكن تأخير السيجارة الأولى في اليوم إلى ما بعد الإفطار بعدة ساعات.
– يفضّل البدء بفترة الاستعداد للتوقف عن التدخين قبل بداية رمضان، لتصبح الأيام الأولى من الصيام أسهل على المدخن للتقليل من التدخين.
– يجب وضع خطة لاستبدال عادة التدخين في هذه الأوقات بعادات أخرى تشغلك عنها، مثلا المشي لمدة ربع ساعة أو الانشغال بالألعاب الإلكترونية على الهاتف، أو تناول قطعة فاكهة أو مضغ العلكة…
– يجب إزالة كل ما يذكر بالتدخين من المنزل والسيارة ومكان العمل، كما يجب التخلص من روائح الدخان من بيتك وسيارتك.
-يجب تجنب الأماكن التي يكثر فيها المدخنون، كما يجب اخبار العائلة والأصدقاء عن قرار بدء الإقلاع عن التدخين، واطلب منهم ألا يدخنوا أمامك.
-ابدأ برنامجا رياضيا، لأن الرياضة قد تقلل من رغبتك في التدخين، كما أنها تفيد في تجنب زيادة الوزن التي تعدّ من أبرز أعراض ترك التدخين، وتساعد كذلك في تعديل المزاج والتقليل من حدّة الاكتئاب.
-يفضّل غسل الأسنان عند طبيب الأسنان للتخلّص من تراكمات السجائر، لتكون نظافة الأسنان حافزا لعدم العودة إلى التدخين.
-يجب تنظيف الأسنان بشكل يومي لإبعاد الرغبة في التدخين.
-مع نهاية شهر رمضان يكون الجسم قد تخلّص تقريباً بشكل كامل من ترسبات النيكوتين، ولا يبقى إلا أن يتحلّى الشخص ببعض العزيمة لإلغاء التدخين بشكل نهائي من حياته والتمتع بصحة جهازه التنفسي، وانتظام الدورة الدموية وضغط الدم، وتقليل خطر الإصابة بالأمراض الخطيرة كالسرطان والسكتة القلبية أو الدماغية، والتي يعتبر التدخين سبباً مباشراً لها