لا عنصرية في الإسلام

لا عنصرية في الإسلام

إن دينُنا الإسلامي الحنيفُ حارب العنصريَّة والطبقيَّة بشتَّى أنواعها وأشكالها منذ بُعِث النبي صلى الله عليه وسلم، فقد أعلنَها القرآن الكريم صريحةً مدوِّية أن التفاضل بين البشر لا يكون إلا بميزان التقوى فحسب؛ قال الله تعالى: ” يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ” الحجرات: 13، والاختلاف في طبيعة الجنس البشري، وتعدد صوره وأشكاله: جعله الله آيةً من آياته في هذا الكون؛ قال سبحانه: ” وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ ” الروم: 22، والذي يتدبَّرُ السيرة النبوية يعلم جيدًا أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم نبَذَ كلَّ فكرٍ فيه العصبيَّة الممقوتة.

روى البخاري ومسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كنا في غَزاة فكَسَع رجلٌ من المهاجرين رجلًا من الأنصار “والكَسْع: ضربُ الدُّبرِ باليد أو بالرجل”، فقال الأنصاري: يا للأنصارِ! وقال المهاجري: يا للمهاجرين! فسَمِع ذلك رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فقال: “ما بالُ دعوى الجاهليَّة؟”، قالوا: يا رسولَ الله، كَسَع رجلٌ من المهاجرين رجلًا من الأنصار، فقال: “دَعوها؛ فإنها مُنْتنةٌ”. ومن خلال السيرة أيضًا نَعلَمُ أن المسلمين تعايشوا مع غيرهم في المدينة المنوَّرة، فعقدوا صلحًا مع اليهود حتى خان اليهود عهدَهم وكتابَهم، وتصالحوا مع نصارى نَجْران، وكان من كبار الصحابةِ مَن لا ينتمي إلى العرب أصلًا، فهذا سلمان الفارسي، وصهيب الرومي، وبلال الحبشي، ونقولُ: رضي الله عنهم أجمعين؛ فالإيمان أزال وأذاب الفوارقَ التي تقومُ على أساسٍ من الجنس أو العِرق أو اللون. إننا لو استعرضنا أحوالَ المسلمين في عالمنا، لوجدنا العنصريَّة ضدَّهم واضحةً لمجرد أنهم مسلمون، والأحداثُ شاهدة في فلسطين وبورما وميانمار، ومن قبلُ في البُوسنة والهِرْسك، وكُوسوفو وغير ذلك على مرأًى ومسمعٍ من العالم أجمعَ، من المنظَّمات الدولية التي من المفترضِ أنها تكافحُ العنصريَّة، وتقفُ ضدَّ مَن يَنتهِجُ تلك السياسة.