لا تَخَفْ على رزقك

لا تَخَفْ على رزقك

 

سبحان الله الذي يرزق الطيرَ في الثلج، والحوت في الماء، والحيوان في الغابات القاحلة، والنمل في أطباق الأرض وفي بطون الصخور؛ قال الله تعالى ” وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ” العنكبوت: 60، وقال تعالى ” وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ” هود: 6.

كما أن الأرزاق والآجال لا تأتي إلا من عند الله تعالى وحده، فإنها كذلك مكتوبة ومحسوبة، ومحدودة ومعدودة. فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق، قال “إن أحدكم يُجمع في بطن أمه أربعين يومًا، ثم يكون عَلَقةً مثل ذلك، ثم يكون مضغةً مثل ذلك، ثم يبعث الله مَلَكًا فيُؤمر بأربع كلمات: بكتب رزقه، وأجله، عمله، وشقي أو سعيد” أخرجه البخاري. وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن روحَ القُدُسِ نَفَثَ في رُوعي أنَّ نفسًا لن تموت حتى تستكمل أجلها، وتستوعب رزقَها، فاتقوا الله، وأجْمِلوا في الطلب، ولا يحملَنَّ أحدكم استبطاءُ الرزق أن يطلبه بمعصية الله، فإن الله تعالى لا يُنال ما عنده إلا بطاعته” صححه الألباني. إن الأرزاق مقسومة ومقدَّرة كالآجال، ولو فرَّ الإنسان من رزقه، كما يفر من أجَلِهِ، لأدْرَكَهُ رزقُه كما يدركه أجَلُه؛ عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لو أن ابن آدمَ هرب من رزقه، كما يهرُب من الموت، لَأدْرَكَهُ رزقُه، كما يدركه الموت” السلسلة الصحيحة. فاعلم أن رزقك وأجَلَك بيد الحيِّ القيوم ليس بيد البشر، فكُنْ في طمأنينة؛ عن أبي العباس عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، قال: كنتُ خلف النبي صلى الله عليه وسلم يومًا، فقال “يا غلامُ، إني أعلِّمك كلماتٍ: احْفَظِ الله يحفَظْك، احفظ الله تجده تُجاهك، إذا سألت فاسألِ الله، وإذا استعنتَ فاستَعِنْ بالله، واعلم أن الأُمَّة لو اجتمعت على أن ينفعـوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رُفِعتِ الأقلام، وجفَّتِ الصُّحُفُ” رواه الترمذي. وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن الله عز وجل فَرَغَ إلى كل عبدٍ من خمس: من أجله، ورزقه، وأثَرِه، ومضجعه، وشقي أو سعيد” أخرجه أحمد.

الدكتور مسلم اليوسف