لا تكن سلبيا

لا تكن سلبيا

نهى الإسلام عن السلبية المفضية إلى انتشار المنكر، وعموم الفساد، والبعد عن رحاب الإيمان وحياض الشريعة التي تنظم حياة الناس، وتضبط علاقتهم بربهم، وتنظم علاقتهم ببني جنسهم، وبغيرهم من الأجناس الأخرى، وحث على الإيجابية والفاعلية الاجتماعية، وحذَّر بأشد العبارات وبأغلظ الألفاظ من السكوت عن المنكر، مهما قل ضرره “فليغيره بقلبه، وهو أضعف الإيمان”؛ حتى لا تتحول بشاعة المنكر التي رسمها الإسلام في قلوب المسلمين، وأجراها على ألسنتهم، وحرك بها جوارحهم إلى ظاهرة مألوفة مستأنَسة، فسلامة الجزء من سلامة الكل. ويبدو ذلك جليًّا واضحًا من خلال التصور الإسلامي للمجتمع، فهو يرى المجتمع أشبه بالسفينة التي تُسيرها الرياح في عرض البحر، مصير هذه السفينة معقود على جميع من هم فيها أو عليها، سواء بسواء، فإذا همَّ فرد من أربابها بسوء ولم يأخذ الباقون أو بعضهم على يديه، هلكوا جميعًا بوبال ذلك السوء وبسلبيتهم تجاهه، فسلامة الجزء من سلامة الكل. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مَثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمَثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على مَن فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقًا ولم نؤذِ مَن فوقنا، فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعًا” رواه البخاري. وقد وزع الإسلام المسؤوليات، كلٌّ بحسب طاقته وعلى قدر موقعه الاجتماعي، بحيث لا يتخلف عنها أحد، فسلامة الجزء من سلامة الكل “كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته؛ فالأمير الذي على الناس راعٍ، وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راعٍ على أهل بيته، وهو مسؤول عن رعيته، وعبد الرجل راعٍ على مال سيده، وهو مسؤول عنه، والمرأة راعية في بيت زوجها”. وهنا تبدو خطورة السلبية الاجتماعية وأثرها في فساد وزوال المجتمع بأسره، صالحه وفاسدة، ويؤكد ذلك قوله تعالى ” وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ” الأنفال: 25، وقد لعن الله تعالى مجتمعات بني إسرائيل السالفة، وصب عليهم غضبه وعقابه؛ لأنهم ” كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ ” المائدة: 79.

موقع إسلام أون لاين