لا تقارن نفسك بالآخرين، ولا أولادك ومستواهم الفكري والعلمي بأولاد الآخرين، ولا ما أنعمَ الله به عليك من مالٍ وصحةٍ وبيتٍ، بمال وصحة وبيوتِ الآخرين، بل ارْضَ بما قسَم الله لك تكنْ أغنى الناس، واشكُر ربك عملًا بقوله تعالى ” فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ ” الأعراف: 144؛ أي: خُذ ما آتيتك من الأمر والنهي بانشراح صدر، وتلقَّه بالقبول والانقياد، وَكُنْ مِنَ الشاكِرِينَ لله على ما خصك وفضلك، أنت عملة نادرة وشخصية مستقلة وكِيان خاص، له خصائص نفسية وعقلية وفكرية، خلقك الله في أحسن تقويم، وصورك فأحسنَ صُورتك، ومنَّ عليك بموهبة واستعداد فكري يختلفُ عما لدى الآخرين، وكل ميسر لما خُلق له، ولكل فن رجال. أنتَ معدن نفيس، وطراز مستقل، ونكهة خاصة، ولكل معدنٍ مظهرهُ ولونه ولمعانه وشفافيته ووزنه وقيمته، ولربما تكون موطنًا للذهب الخالص والألماس اللامع، لكن لم تكلف البحث والتنقيب عن الأحجار الكريمة في نفسك وذوقك، ولم تكلف الغوص لاستخراج اللآلئ والدرر الكامنة في شخصيتك وفطرتك، فبقيتَ في دائرة محصورة وحدود ضيقة، وربما أصابك الخمول والعطل الفكري الذي يعتبر لونًا من ألوان الانتحار. الناس قدرات وكفاءات وطاقات مختلفة، فيصلح أحدهم لأمرٍ لا يصلح له الآخر أصلًا، والعكس صحيح، واختلاف الناس في صفاتهم وطبائعهم وألوانهم وألسنتهم، آية من آيات الله؛ حيث ميز بين المخلوقات، فكما أن شجرة التين لا تنبتُ الرطب، ولا يُجنى من الشوك العنب، فكذلك كل إنسان لا يشبه شخصًا آخر. ومن التعاسة وسوء الحال والشقاء والكدر النفسي أن يحاول الإنسان أن يتقمص شخصية غيره، أو يقلده في أسلوب حياته من نبرة الصوت والكلام والصفات والمواهب والحركات وأسلوب الحديث، ومن الأسوأ أن يتكلف في ذلك ويتصنَّع، فلكل شأنُه وحياتُه وما يصلح له وما يناسبه ” وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ” القصص: 68. أنت لا تشبه أحدًا، فلا تقلده، ولا تتقمص شخصيته، ولا تنتحل صفته، ولا تكلف على نفسك فيما لم تخلق له، عشْ كما أنتَ بشكلٍ طبيعي ومألوف، كن نفسك وأحبَّها، وستجد كل شيء يبادلك نفس الشعور.
موقع إسلام أون لاين