هل تَشْعُر بالوحدة؟ هل أصبحت دنيا البشر في عينيك خاويةً، فلا تجد فيها حبيبًا تأنسُ به؟ هل تشتاق إلى قريبٍ تبثُّ إليه شكواك؟ إنَّه الله، إنَّه القريب، أقرب إليك من حبل الوريد. في أحد الأسفار مع النبي صلى الله عليه وسلم، يسأله أصحابُه: “يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَقَرِيبٌ رَبُّنَا فَنُنَاجِيهِ، أَمْ بَعِيدٌ فَنُنَادِيهِ؟ فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ” وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي ” البقرة: 186.
– لأنك ربِّي القريب، أتوكَّل عليك، ألجأ إليك، أستعين بك، أحتمي بحماك، إذا هاجمَتْني المخاوف تذكَّرْتُ قُرْبَكَ، تذكَّرتُ قولك لموسى وهارون عليهما السلام: ” لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى ” طه: 46. من الذي استنصرك يا رب، فما نصرتَه؟! ومن الذي سألك، فما أعطيته؟! ومن الذي دعاك، فما لبَّيْتَه؟! ومن الذي توكَّل عليك، فما كفيته؟!
– لأنك ربِّي القريب سأدعوك وحدَك ” لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ” الأنبياء: 87، فأنت يا رب قريبٌ ممَّن يدعوك بالإجابة ” فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ” الأنبياء: 88.
– إذا كنتَ وحدَك وراودَتْكَ نفسُكَ على معصيتِه، فتذكَّر أنَّه القريب، إنه يراك، فلا تجعله أهون الناظرين إليك؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لأعلمنَّ أقوامًا من أُمَّتي يأتون يومَ القيامةِ بحسناتٍ أمثالِ جبالِ تهامة بيضًا، فيجعلُها اللهُ عزَّ وجلَّ هباءً منثورًا”، قال ثوبانُ: يا رسولَ اللهِ، صِفْهم لنا، جَلِّهم لنا، ألَّا نكونَ منهم ونحنُ لا نعلمُ، قال: “أما إنهم إخوانُكم ومن جِلدتِكم، ويأخذون من الليلِ كما تأخذون؛ ولكنَّهم أقوامٌ إذا خَلوا بمحارمِ اللهِ انتهكُوها” رواه ابن ماجه.
– لأنك ربي القريب سأتقرب إليك، يقولُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: أنا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بي، وأنا معهُ حِينَ يَذْكُرُنِي، إنْ ذَكَرَنِي في نَفْسِهِ، ذَكَرْتُهُ في نَفْسِي، وإنْ ذَكَرَنِي في ملأ، ذَكَرْتُهُ في ملأ هُمْ خَيْرٌ منهمْ، وإنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا، تَقَرَّبْتُ إلَيْهِ ذِراعًا” رواه مسلم. سأتقرَّب بالفرائض والنوافل، سأتقرَّب بكثرة السجود ” وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ ” العلق: 19، “أقرَبُ ما يكونُ العبدُ من ربِّه وهو ساجِدٌ؛ فأكثِروا الدُّعاءَ” رواه مسلم.