كُنَّا نَتَمَنَّى فِي صِبَانَا، وَكَانَ الصِّبَى يَوْمَهَا بِعُمْرٍ طَوِيلٍ، فَلَمْ نَكْتَرِثْ بِوَقْتٍ وَلاَ بِمُرُورِهِ إِنْ مَــرَّ..وكُنَّا نَمْرَحُ وَنَلْهُو، نَبْكِي بِلاَ حُزْنٍ ونَسْعَدُ إنْ ضَحَكْنَا وَلاَنَدْرِي ،، وكُنَّا فِي الحَقِيقَةِ نَتَمَــــــنَّى ..
تَقَمَّصْنَا شَخْصِيَّاتٍ لاَنَعْرِفُهُمْ، قَالُوا لَنَا عَنْهُمْ فَحَفِضْنَا أَسْمَاءَهُمْ، وَكُنَّا ” هُمْ ” فِي الْحُلْمِ والتَّمَنِّي ..عَبْدُ الْقَادِرِ يَا بَطلَ الأبْطَالِ، نُسَوْمَرُ يَا مَنْ إِذَا بَلَغَ الْفِطَامُ فِي أَهْلِهَا صَبِيَّةً، تَخِرُّ لَهَا الْأَعْدَاءُ وَالْحِلفُ، وَقَوْلُهُمْ كَانَ عَلَيْنَا الشَّعْبُ
حَرْبًا، بِإِذْنِ رَبِّهِ، فَأنْهَزَمْنَى..
كَانَ يَوْمَهَا شِيقِيفَارَا وَجِيَّابٍ وعَبْدُ النَّاصِرِ وَغَيْرِهِمْ فِي الْعَالَمِينَ، وَكَانَ لَنَا أبْطَالُ الأمْسِ شُهَدَاء اليَوْم، وَفِيهِمْ سِي الْحَوَّاس واعْمِيرُوشْ وبَن بُولْعِيد وحَسِيبَة وَغَيْرِهِمْ مِنَ الشُّهَدَاء المَذْكُورِين والْمَنْسِيِّين، وَكُنَّا نَحْلُمُ أنْ نَكُونَ كَمَا كَانُوا، ، وَلَمْ نَنْسَ أَنْ نَتَمَــــنَّى …
فِي حَيِّنَا، كُنَّا نَعِيشُ وَنَتَعَايَشُ ونَكْبُرُ فِي هَنَاءٍ بَيْنَ أحْضَانِ اَهْلِنَا وَأَقَارِبِنَا وَجِيرَانِنَا، وَاَتْرَابِنَا، تُرَاقِبُنَا وَتَرْعَانَا اَعْيُنُ الْكِبَارِ، وَتَلْتَهِمُنَا فِي الْوَقْتِ ذَاتِهِ، أعْيُنُ الصِّغَارِ لِطَيْشِنَا وَبَرَاءَتِنَا، فِي مُحَاوَلةٍ مِنْهُمْ تَقْلِيدَنَا وَالْعَبَثِ كَعَبَثِنَا ،،لَمْ يُغَادِرْنَا بَعْدُ أهْلِينَا إِلَى حَيْثُ لاَ رَجْعَة، ضَنَنَّا أَنَّهُمْ سَيَخْلُدُون ..وَكُنَّا نَتَمَنَّـــــــــــى ..
هَيْهَاتَ مَا يَتَمَنَّى الْمَرْءُ يُدْرِكُهُ، وَقَدْ كَانَ كُلُّ مَنْ فِي سِنِّ أَبِي “عَمِّي “، وَمَنْ فِي سِنِّ اُمِّي “خَالَتِي “..الْحَاجُ، ذَلِكَ الْاسْمُ الْمُتَدَاوَلُ عِندَنَا وَحَتَّى مَجَازًا، فِي الْأَصْلِ أَبِي، وَفَاطِمَة فِي الْأَصْلِ أُمِّي، وَمِنْهُمَا انْحَدَرَ “أَعْمَامِي ” وَ” خَالاَتِي”مِنْ جِيرَتِي، ..وَالشِّبْلُ الْقَاطِنُ فِي حَيِّنَا فِي مَقَامِ أَخِي ..تَرَعْرَعْنَا وَدَرَسْنَا فِي كُتَّابِ الْحَيِّ وَفِي مَدْرَسَتِه، وَكَادَ الْمُعَلِّمُ حِينَهَا أَنْ يَكُونَ رَسُولاَ ،، وَكُنَّا نَتَمَنَّــــــــــى ..
لاَ أَذْكُرُ أَنِّي تَجَرَّأتُ يَوْمًا وَالْتَقَيْتُ مُعَلِّمِي أَوْ مُعَلِّمَتِي فِي مَكَانٍ مَا مِنَ الْحَيِّ أَوْ بِالْقُرْبِ مِنَ الْمَدْرَسَةِ خَارِجَ أَوْقَاتِ الدِّرَاسَةِ بِمَحْضِ الصُّدْفَةِ، وَتَحَدَّتْ عَيْنَايَ عَيْنَاهُ أَوْ عَيْنَاهَا وَلَمْ أهْرُبْ حَتَّى لاَ تَلْتَقِطُنِي نَظَرَاتِهِمَا فَيَكُونَ السُّؤَالُ غَدًا وَلَمْ أَجِدْ لِسُؤَالِهِمَا حِينَئِذٍ جَـــوَابًا ..وَكُنَّا نَتَمَنَّـــــــــى ..
تَسَلَّقْنَا أَدْرَاجَ السِّنِين يَوْمًا بَعْدَ يَوْم، وَبَلَغَ الشِّبْلُ مِنَّا سِنَّ الشَّبَاب ،، وَذَاتَ يَومٍ اكْفَهَرَّ سَمَاءُ حَيِّنَا، وَغَطَّتْهُ سَحَابَةٌ سَوْدَاء عَكَّرَتْ صَفْوَ حَيَاتِنَا، وَضَاقَتْ بِنَا الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ، فَكَانَتْ بِدَايَة زَمَن عَسِيرٍ، وَلَمْ نَفْقِدِ الْأَمَلَ بَعْدَ انْقِشَاعِهَا ذَاتَ صَبَاح، وَبَقَيْنَا نَتَمَنَّــــــــــــــــى ..
فِي الْحَقِيقَةِ لَمْ تَكُنْ سِوَى سَحَابَةً عَابِرَةً سَبَقَتْ الْعَاصفَة ،، لَمْ نَكُنْ نَعْرِفُ مَتَى يَبْدَاُ مَفْعُولُهَا وَمَتَى سَيَنْتَهِي ،، فَكَانَتْ عَشْرًا عِجَافًا مِنَ الْهَنَاءِ، مَلْىءَ بِالدِّمَاءِ، تَحَطَّمَتْ عَلَى إِثْرِهَا كُلُّ أَوَاصِرِ الْمَحَبَّةِ والأخُوَّةِ فِي حَيِّنَا، وَتَقَاتَلَ الإِخْوَة عَلَى انْتِمَاءٍ زَائِفٍ، وَلَمْ يَعُد الْجَارُ جَارِي، وَلاَ الْعَمُّ عَمِّي، وَلاَ الْخَالَةُ خَالَتِي، وَلَمْ أَعُدْ أَخْشَى مُعَلِّمِي وَ لاَ مُعَلِّمَتِي، وَلَمْ أَعُدْ حَتَّى أَعْرِفُ نَفْسِي، فَكَانَ ظِلِّي يَتَحَاشَى جَسَــدِي ،، وَلَمْ نَفْقِدِ الْأَمَلَ ذَاتَ مَسَاءٍ ،، وبَقَيْنَا نَتَمَـــــنَّى ..
وَالْآنَ وَنَحْنُ بَعِيدِينَ عَنْ زَمَنِ انْقِطَاعِ خَيْطِ التَّمَنِّي ،، دعُونَا نَتَمَنَّى ،، فَالْحُلْمُ أَحْلَى مِنَ الْحَقِيقَــةِ بِالتَّمَـــــنِّي …وَكُنَّا نَتَمَـــــنَّى …