بر الوالدين من أهم المهمات وأعظم القربات، وأجل الطاعات، وأوجب الواجبات، وعقوقهما من أكبر الكبائر، وأقبح الجرائم، وأبشع المهلكات؛ ويكفي بأن الله تعالى قرن حقَّ الوالدين، والإحسانَ إليها بعبادته سبحانه في قوله تعالى: ” وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ” النساء: 36، فمن أعظم أنواع البر الذي يُوصَل بها الوالدان بعد وفاتهما:
– الاستغفار لهما: وممن ذُكِر بِرُّهم في القرآن الكريم، نوح عليه السلام، حيث قال: ” رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِي مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ” نوح: 28. وقال إبراهيم عليه السلام: ” رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ “.
– الدعاء لهما: عن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: “إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاَثَةٍ: إِلاَّ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ” رواه مسلم. فبيَّن الحديث أنَّ عمل الميت ينقطع بموته، وينقطع عنه تجدد الثواب إلاَّ في هذه الأشياء الثلاثة، ومنها: دعاء الولد الصالح؛ لأنه كان سبباً في وجوده وصلاحه، وإرشاده إلى الهدى.
– قضاء الدين عنهما: عن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ” صحيح رواه الترمذي وابن ماجه.
– قضاء و الكفارات عنهما: ككفارة اليمين، وكفارة قتل الخطأ، وغير ذلك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ” فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى”.
– تنفيذ وصيتهما إنْ كان لهما وصية: وإنفاذ الوصية واجب، والإسراع بالتنفيذ: إما واجب أو مستحب، فإنْ كانت في واجبٍ فللإسراع في إبراء الذمة، وإنْ كانت في تطوع؛ فللإسراع في الأجر لهما، وينبغي أن تُنفذ الوصية قبل الدفن، بمقدار الثلث فأقل.
– الصدقة عنهما: عن سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ رضي الله عنه ؛ أن أُمَّه تُوُفِّيَتْ وَهْوَ غَائِبٌ عَنْهَا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ أُمِّي تُوُفِّيَتْ وَأَنَا غَائِبٌ عَنْهَا، أَيَنْفَعُهَا شَيْءٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَنْهَا؟ قَالَ: “نَعَمْ” قَالَ: فَإِنِّي أُشْهِدُكَ أَنَّ حَائِطِي الْمِخْرَافَ صَدَقَةٌ عَلَيْهَا”. رواه البخاري.