كيف هي منازل الآخرة ؟

كيف هي منازل الآخرة ؟

 

القبور وما يجري فيها عالم عجيب يدل على قدرة الخالق جل وعلا، فهناك عوالم أخرى غير عالمنا لا ندركها بحواسنا، ولا نعلم عنها شيئًا، إلا ما أعلمنا الله عنها في كتابه، وما صحَّ من أحاديث رسوله صلى الله عليه وسلم؛ ولذا فمن لا يؤمن بالكتاب والسنة، فلا بد أن يكذب بأحوال القبر وأهواله. ولقد دلَّت آيات القرآن الكريم والأحاديث الصحيحة على أن القبر إما روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النيران، فعن البراء بن عازب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ” إبراهيم: 27، قال: نزلت في عذاب القبر” رواه الشيخان، وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم” فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا ” طه: 124، قال: عذاب القبر”، وقال تعالى في آل فرعون: ” النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَاب ” غافر: 46.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: “مرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبرين، فقال: إنهما لَيُعذَّبان وما يُعذَّبانِ في كبير، أما هذا: فكان لا يستتر من بوله، وأما هذا: فكان يمشي بالنميمة…”؛ رواه البخاري، وفي حديث البراء المشهور حين يُسئل المؤمن في قبره قال: “فافرشوه من الجنة، وافتحوا له بابًا إلى الجنة، وألبسوه من الجنة، قال: فيأتيه من رَوْحِها وطِيبها، قال: ويفتح له فيه مدَّ بصره”، وقال في الكافر حين يُسئل في قبره: “فافرشوه من النار، وألبسوه من النار، وافتحوا له بابًا إلى النار، قال: فيأتيه من حرِّها وسمومها، قال: ويضيق عليه قبرُه حتى تختلفَ فيه أضلاعه”. وقد سمع الخليفة الراشد عثمان رضي الله عنه من الأحاديث ما اشتدَّ معه خوفه من القبر، فعن هانئ مولى عثمان رضي الله عنهما قال: “كان عثمان إذا وقف على قبر بكى حتى يبلَّ لحيته، فقيل له: تذكر الجنة والنار فلا تبكي، وتبكي من هذا؟ فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: القبر أول منازل الآخرة، فإن يَنجُ منه، فما بعده أيسر منه، وإن لم يَنجُ منه، فما بعده أشد منه”.

الكاتب أنور النبراوي