ما من مسلم إلا وهو يتمنى أن يكون من المحافظين على الصلاة، بل إن أكثر من يضيع الصلاة يتمنَّون ذلك؛ لأنه يعلمون أن حياتهم ستصبح أكثر سعادة وسكينة، فيا لله العجب، كيف نعلم سبيل السعادة ثم نتركه؟ وكيف نتيقن من علاج أدوائنا ثم لا نأخذه؟، فكثير من الناس يصلي لأنها من العادات والتقاليد، أو لأنه وجد من حوله يصلون فهو يسايرهم ويفعل كما يفعلون، وربما صلى لكي لا يغضبوا، فلماذا لا يصلى المسلم؟ وما الذي يحول بينه وبين الصلاة ؟ والإجابة: إنه الخشوع؛ فالصلاة بلا خشوع صلاة ثقيلة شاقة؛ وتدبروا قول الله تعالى: ” وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ” البقرة: 45، وجاء في تفسيرها: أي: إنها لثقيلة شاقة إلا على الخاشعين: المتواضعين لله، المستكينين لطاعته، المتذللين من مخافته، والفلاح مقرون بالصلاة الخاشعة، فكيف يفلح مَن لا يصلي، ومِن جُمَلِ الأذان: حي على الفلاح؛ وقال تعالى: ” قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ” المؤمنون: 1، 2؛ ومعنى ” خَاشِعُونَ ” خائفون مخبتون، خاضعون مُطَأطئون، ساكنون متذللون، حاضرو القلب والعقل واعون. ولذلك قال عنها المصطفى صلى الله عليه وسلم: “وجُعلت قرة عيني في الصلاة”، وقال: “أرِحْنا بها يا بلال”، “وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حَزَبه أمرٌ فزِع إلى الصلاة”، فكونها أول ما يفزع إليه دليلٌ على قربها من نفسه صلوات الله وسلامه عليه؛ فالصلاة الخاشعة أنسُ المؤمنين، ومعراج القانتين، وقرة عين الموحدين، ركن الدين الركين، وفريضة الله الثابتة على المسلمين، وآخر وأكد وصايا سيد المرسلين، وأول ما يحاسب عليه المرء يوم القيامة، صلاحها صلاح بقية الأعمال، وفسادها فساد لبقية الأعمال، الصلاة الخاشعة نور في القلب، وانشراح في الصدر، وأنس في الروح، وطمأنينة في النفس، وضياء في الوجه، وزكاءٌ في العقل، وقوة في البدن، وحفظ للنعمة، وبركة في العمر، ودفع للنقمة، ومغفرة للذنوب، وتفريج للكروب، وشفاء لما في الصدور.
موقع إسلام أون لاين