لا بد من الرِّفْقُ وحُسْنُ التعامل في معالجة الأخطاء؛ ولا بد من مراعاة نفسِيات المُخطئين والرِّفق بهم؛ لأنَّ النتائج المرجوة من حُسن التعامل عظيمة جداً؛ فإنَّ النفس البشرية تميل إلى الرِّفق ولِين الجانب، وقد كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم أرفَقَ الناس بالناس، فقد قال: “إِنَّ الرِّفْقَ لاَ يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلاَّ زَانَهُ، وَلاَ يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ شَانَهُ” رواه مسلم. وقال أيضاً: “إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لاَ يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ، وَمَا لاَ يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ” رواه مسلم. ويدل عليه أيضاً: حديث الأعرابي الذي بال في المسجد، وكيف رَفَقَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم به، وعلَّمَه من غير تعنيف. وينبغي الحذر من معالجة خطأٍ يؤدِّي إلى خطأ أكبر؛ فمن قواعد الشريعة “تَحَمُّل أدنى المفسدتين لدرء أعلاها” فقد يمتنع المُربِّي عن مُعالجة خطأ؛ لئلا يؤدِّي إلى وقوع خطأ أعظم. ومثال ذلك: سكوت النبيِّ صلى الله عليه وسلم عن المنافقين، وعدم قتلهم مع ثبوت كُفرهم؛ لئلا يقول الناس: “إنَّ محمداً يقتل أصحابَه”، ولا سيما مع خفاء أمرهم. ولا بد أيضاً من إعطاء الوقت الكافي لتصحيح الخطأ؛ خصوصاً لِمَنْ دَرَجَ عليه واعتادَه زمناً طويلاً من عمره، هذا مع المتابعة والاستمرار في التنبيه والتصحيح. ومن القواعد المهمة في معالجة الأخطاء: تقرير الخطأ؛ لأنَّ العلاج قبل أن يَعرف المُخطئ خطأه لا ينفع، فيجب أنَّ يُعَرَّف بخطئه ليجتنبه. ومن أمثلة ذلك حديث المرأة المخزومية التي سرقَتْ فشفع لها أُسامةُ رضي الله عنه عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: “أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ!” رواه البخاري. ومن الأمثلة أيضاً: حديث المسيء في صلاته؛ إذْ قال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم: “ارْجِعْ فَصَلِّ، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ” رواه البخاري ومسلم. ثم علَّمَه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، بعد أنْ عَرَفَ الرجلُ خطأه في الصلاة. ومن ضوابط مُعالجة الأخطاء: مراعاة الفروق؛ فينبغي التفريقُ بين المُخطِئِ عن جهلٍ والمُخطِئِ عن علم، ومثاله: حديث معاوية بن الحَكَم السُّلَمِي، ولم يكن يدري عن تحريم الكلام في الصلاة. فالجاهل يحتاج إلى تعليمٍ، وصاحب الشُّبْهَة يحتاج إلى بيانٍ وتوضيح، والنَّاسي يحتاج إلى تذكير، والمُصِرُّ يحتاج إلى وعظٍ، فلا يسوغ أن يُسَوَّى بين العالِم بالحُكم والجاهل به في المُعالجة.
موقع إسلام أون لاين