في رحاب السيرة النبوية

كيف كان يوحى إلى الرسول صلَّى الله عليه وسَلَّم؟

كيف كان يوحى إلى الرسول صلَّى الله عليه وسَلَّم؟

قد كان للوحي إلى الرسول الخاتم محمد صلَّى الله عليه وسَلَّم عدَّة حالات منها: الرؤيا، فقد روى البخاري، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: “وأول ما بُدئ به رسول الله صلَّى الله عليه وسَلَّم من الوحي: الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح”. ومنها: ما كان يُلْقيه المَلَك في روعِهِ وقلبه من غير أن يراه، كما في قوله صلَّى الله عليه وسَلَّم: “إن روح القدس نفث في روعي”.

ومنها: أنَّه صلَّى الله عليه وسَلَّم كان يتمثل له الملك رجلاً، فيخاطبه حتى يعي عنه ما يقول، وفي هذه المرتبَة كان يراه الصحابة أحيانًا؛ كما في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: “بينما نحن جلوس عند رسول الله صلَّى الله عليه وسَلَّم إذ طلع علينا رجل شديدُ بَياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يُرَى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد، حتى جلس إلى النبي صلَّى الله عليه وسَلَّم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه” الحديث.

ومنها: أنه كان يأتيه في مثل صلصلة الجرس وكان أشده عليه صلَّى الله عليه وسَلَّم فيتلبس به الملك، حتى إن جبينه ليَتَفَصَّدُ عرقًا في اليوم الشديد البرد، وحتى إن راحلته لتبرك به إلى الأرض إذا كان راكبَها، ولقد جاءه الوحي مرة كذلك، وفخذه على فخذ زيد بن ثابت، فثقلت عليه حتى كادت تُضِّرُّها.

ومنها: أنه يرى الملك في صورته التي خلق عليها، فيوحي إليه ما شاء الله أن يوحيَه، وهذا وقع له مرتين كما قصَّ الله علينا في سورتي التكوير والنجم؛ قال تعالى في سورة التكوير: ” إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ وَلَقَدْ رَآَهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ ” التكوير: 19 – 23، وقال تعالى في سورة النجم: “وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى” النجم: 1 – 5.