الزكاة فريضة فرَضها الله عز وجل على جميع الرسل والأمم السابقة، والآيات في كتاب الله تدل على أن الزكاة كانت مشروعة في حق الأمم السابقة: فبعد أن ذكر الله تعالى في سورة الأنبياء القصص عن بعض أنبياء الله عليهم السلام، ذكر الله تعالى قوله في حقهم: ” وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ ” الأنبياء: 73. فجعل الله تعالى الرسل عليهم الصلاة والسلام أئمة يهدون بأمره، فيُقتدى بهم في الخير، فالصلاة أشرف العبادات البدنية، وشُرعت لذكر الله تعالى، والزكاة أشرف العبادات المالية، ومجموعهما التعظيم لأمر الله تعالى. فقد أثنى الله تعالى على نبيه إسماعيل عليه السلام، فقال الله تعالى: ” وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا ” مريم: 55. وهذا “من الثناء الجميل، والصفة الحميدة، والخلة السديدة؛ حيث كان مثابرًا على طاعة ربه، آمرًا بها أهله “. فمما ينبغي على كل مسلم أن يقتدي بنبي الله إسماعيل صلى الله عليه وسلم في أمره أهله وأقرب الناس إليه بالصلاة، وهي تربية روحية، ودليل على قوة العلاقة بين العبد وبين ربه، وإيتاء الزكاة، وهي عبادة تتعلق بالمادة، وعمل اجتماعي وإنساني يقوي الصلات بين الناس؛ حتى يكون هو وأهله قدوةً لغيرهم في العمل الصالح. وقد مدح الله تعالى نبيه عيسى عليه السلام، فقال: ” وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا ” مريم: 31. فدلت الآية الكريمة على أن الصلاة والزكاة وبر الوالدين كان واجبًا على الأمم السالفة، والقرون الخالية، فهو مما يثبت حكمه، ولم ينسخ في شريعة أمره، فأمر الله تعالى لنبيه عيسى عليه السلام بالصلاة والزكاة أمرًا مؤكدًا مستمرًّا. فنبي الله تعالى عيسى عليه السلام قدوة صالحة، ونموذج للإيمان والعبادة والإخلاص لله تعالى، وقد أوصاه الله تعالى بالصلاة والزكاة مما يعني تمام العبودية لله تعالى، والجمع بين الصلاة والزكاة يحقِّق الجمع بين العبادة البدنية ببذل النفس، والعبادة المالية ببذل المال.
موقع إسلام أون لاين