تقول الأخصائية النفسية كفاية بركة: “من أكثر ما يسعد الناس في شهر رمضان، الأجواء والطقوس التي اعتادوا عليها خلاله، فهي تترك أثراً إيجابياً في النفس لا يزول أبداً، وهذا الأثر يتجدد كلما استرجع وتحدث الناس عنه، ومن أبرز تلك الطقوس صلة الرحم، من خلال تبادل الزيارات وتنظيم ولائم الإفطار”. إن الملتزم بالحجر ليس مخطئاً، وتقليص الزيارات ليس قراراً نابعاً من رغبة ذاتية بل هو قرار جماعي يهدف لحماية كافة أفراد المجتمع. وتضيف: “صلة الرحم تنعكس بشكل إيجابي على أفراد من المجتمع، فهي تعزز العلاقات الاجتماعية، وتقوّي الإحساس بالآخرين، من خلال التواصل معهم ومشاركتهم في مناسباتهم ومساعدتهم في حل مشكلاتهم، كما أنها تحقق نوعاً من السعادة لدى الفرد نتيجة شعوره بأنه مقبول ومحبوب من الآخرين ولديه دائرة من العلاقات الاجتماعية التي يستند عليها ويتواصل معها”.
وتواصل: “صلة الرحم تعود على القائم بها بالراحة والطمأنينة، عندما يلمس سعادة الآخرين بوصله لهم”، وتستدرك: “لكن رمضان هذا العام يأتي على غير المعتاد؛ لأن جائحة كورونا تسببت في حرمان الناس من ممارسة شعائرهم بما فيها صلة الرحم، وغياب هذه الشعائر من شأنه أن يترك أثراً سلبياً على الجانب النفسي لدى أفراد المجتمع، خاصة عندما نقارن رمضاننا هذا بأشهر رمضان في الأعوام السابقة”. فبدلاً من تلك المقارنة والتفكير في تنظيم الاجتماعات العائلية، علينا أن نهتم باتخاذ الإجراءات الوقائية لمواجهة فيروس كورونا وزيادة مستوى الوعي الذاتي وتحديد مشاعرنا تجاه المواقف والأحداث والتعامل معها بطرق إيجابية وضبط ردود أفعالنا،
وتوضح: “صلة الرحم التي لا تقتصر على الزيارات، بل تشمل الاتصال بالأرحام والاطمئنان عليهم، وتهنئتهم، فإذا حُرمنا من الزيارات، بإمكاننا إيجاد بدائل للتواصل وتعزيز العلاقات الاجتماعية، وخاصة أننا في عصر التطور التكنولوجي؛ فقد أصبح بإمكان الناس التواصل مع بعضهم البعض دون الالتقاء المباشر”. وتؤكد: “بالتالي، فإن التباعد الجسدي لا يسبب التقصير في صلة الرحم، وبالطبع لا يبرره ولا يمكن اتخاذه ذريعة لقطع الأرحام”. وتبين: “أمام هذه الحالة، لا داعي للشعور بالذنب، فالملتزم بالحجر ليس مخطئاً، وتقليص الزيارات ليس قراراً نابعاً من رغبة ذاتية بل هو قرار جماعي يهدف لحماية كافة أفراد المجتمع، والالتزام به واجب على الفرد، ولو مع أقرب الناس، وبمرور الوقت وعلى المدى البعيد سيدرك الآخرون أن الالتزام كان بدافع الحب والخوف عليهم”.