إن مثيراتِ القلق لها أسبابٌ كثيرة، جامع القول فيها أنها غالبًا ما تتعلق بالخوف من المجهول أو المستقبل؛ كخوف الطالب وقلقه من الامتحان، وخوف الوالدين على أولادهما عند مرضهم وغيره، والخوف من الموت، ونحو ذلك. وهذا القلق يكون محمودًا ومندوبًا إليه إذا كان وسيلة لدفع الإنسان إلى العمل الصالح، ويكون مذمومًا إذا تعدى حدوده، وعطل المرء عن العمل والاجتهاد. ولعلاج القلق سبل كثيرة، من أهمها:
1- حسن التوكل على الله تعالى، واليقين بأن المرء لا يصيبه إلا ما كتب الله له؛ قال تعالى: ” قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا ” التوبة: 51، وقال صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما: “يا غلام، إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنتَ فاستعنْ بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رُفعت الأقلام، وجفت الصحف” رواه الترمذي وغيره.
2- المداومة على الأذكار الشرعية المأثورة من الكتاب والسنة؛ لأن الذكر سبب من أسباب طمأنينة القلب؛ فقد قال سبحانه وتعالى: ” الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ” الرعد: 28. ومما لا ريب فيه أن قراءة القرآن من أفضل العبادات والأذكار التي يحسن بالمسلم أن يتعاهدها، وأن يشغل نفسه بها، قال الله عز وجل: ” قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ ” فصلت: 44، وقال: ” فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ” نوح: 10، 12.
3- الاهتمام بعمل اليوم، وقطع القلب عن الخوف من المستقبل، فقد روى البخاري ومسلم من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم استعاذ من الهم والحزن، فقال: “اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والبخل والجبن، وضلع الدين، وغلبة الرجال” فالحزن على الأمور الماضية التي لا يمكن ردُّها، والهم الذي يحدث بسبب الخوف من المستقبل.
الكاتب أنور النبراوي