كيف تحصن أطفالك من الشيطان ؟

  كيف تحصن أطفالك من الشيطان ؟

إن عداوة الشيطان للإنسان أقدم عداوة شهدتها الدنيا، وأشرسها حرباً، وأخبثها أسلوباً، وأبلغها ضحايا! تبدأ من حين الولادة، وتوعب العمرَ كلَّه. ومن أشد مواطن نكاية الشيطان بالآدمي موطن الضعف، وللأطفال العُزُّل في ذلك نصيب بالغ! يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما من مولود يولد إلا نخسه الشيطان، فيستهل صارخا من نخسة الشيطان، إلا ابن مريم وأمه” ثم قال أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم: ” وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ” آل عمران: 36 رواه مسلم. إن عداوة الشيطان الشانئة تحمله على استغلال ضعف الأطفال وسذاجتهم في إلحاق صنوف الأذى بهم، كما تحمله تلك العداوة على إزاحة تنشئة الطفل على أساس من حرز الدين المتين؛ ليسهل عليه إغواؤه عند كبره؛ فالمبدأ عنوان الختام. ومن هنا أضحى من ضرورة الأمر فقه ولي الطفل في التحصين الوقائي لطفله من تسلط الشيطان عليه، وذلك من خلال الأسباب المحصِّنة التي شرعها الحفيظ العليم سبحانه، سيما ووسائل الإغواء وشياطينه في هذا العصر قد تفاقمت كثرة وخبثاً، ولا عاصم من شرهم إلا الله!

إن المتأمل في الأسباب الشرعية لتحصين الطفل من الشيطان يرى أنها تسبق ولادته وتستمر معه حال طفولته، ومن أبرز تلك الأسباب الإتيان بالذكر المشروع عند جماع الزوجة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “أما إن أحدكم إذا أتى أهله، وقال: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا، فرزقا ولدا لم يضره الشيطان “رواه البخاري ومسلم. والتأذين في أذن المولود حين الولادة من وسائل الحرز، قال أبو رافع رضي الله عنه: ” رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أذّن في أُذُن الحسن بن علي حين ولدته فاطمة بالصلاة “. والعقيقة عن المولود من وسائل تحريزه من كيد الشيطان، يقول ابن القيم: ” وغير مستبعد في حكمة الله في شرعه وقدره أن يكون “العقيقة” سببا لحسن إنبات الولد ودوام سلامته وطول حياته في حفظه من ضرر الشيطان حتى يكون كل عضو منها فداء كل عضو منه “.

وتعويذ الأطفال من الشيطان من أبلغ وسائل تحصينهم؛ فقد كان ذا منهج الأنبياء مع صبيانهم، قال ابن عباس رضي الله عنهما: ” كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين، ويقول: ” إن أباكما كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق: أعوذ بكلمات الله التامة، من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة ” رواه البخاري، بل إن بُعد نظر الولي الصالح واستشرافه مستقبل الصلاح لنسله ورجاءه يحدوه إلى تعويذ ذرية المولود من حين وضعه على تعاقب بطونهم، كما دعت امرأة عمران مولد ابنتها مريم: ” فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ” آل عمران: 36. ومنع الأطفال من الخروج من المنزل وقت دخول المساء من وسائل حفظهم؛ لكثرة انتشار الشياطين ذلك الوقت، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ” إذا كان جنح الليل، أو أمسيتم، فكفوا صبيانكم؛ فإن الشياطين تنتشر حينئذ، فإذا ذهبت ساعة من الليل فخلوهم، وأغلقوا الأبواب واذكروا اسم الله؛ فإن الشيطان لا يفتح بابا مغلقا ” رواه البخاري ومسلم. وتعليم الطفل الأذكار عند تمييزه من وسائل حفظه من كيد الشيطان؛ خاصة آية الكرسي والمعوذتين؛ فقد ثبت تحصينهما من الشيطان عن النبي صلى الله عليه وسلم. إن هذه الوسائل من أعظم ما ينبغي لولي الطفل أن يوليه عنايته.