ذكر النبي عليه الصلاة والسلام صورا من صور بر الأبناء للآباء بعد موتهم فمن ذلك:
أولا: الصلاة عليهما والاستغفار لهما: والصلاة هنا معناها الدعاء لهما، أي أن تكثر الدعاء لهما بكل خير ممكن حصوله لهما وينفعهما دار الآخرة، أن يوسع الله قبورهما، وأن يجعلها روضة من رياض الجنة، وأن يرزقهما النعيم فيها، وأن يرفع الله درجاتهما، ويتقبل أعمالهما، ويجعلهما مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، وأن يجعلهما في رفقة النبي عليه الصلاة والسلام في أعلى عليين في الفردوس الأعلى.
ثانيا: وإنفاذ عهدهما من بعدهما: قال بعض العلماء: المقصود هنا هو الوصية.. والحق أن العهد أكبر من الوصية ـ وإن كانت الوصية أوله وآكده.. فإذا كانت بالثلث أو أقل وجب تنفيذها، وإن زادت استحب لهم تنفيذها من باب البر والفضل، لا من باب الوجوب والحتم.
ويدخل في معنى العهد: إذا كان أحد الوالدين عهد بالإحسان إلى أخ لحاجته، أو إلى أخت لفقر أو مرض، أو إلى جار أو قريب بعينه، فمن البر تنفيذ ذلك والقيام به ما لم يكن إثما أو معصية.
ثالثا: إكرام صديقهما: فكلٌّ من الآباء والأمهات يكون لديهم أصدقاء مقربون منهم في حياتهم، فمن عظيم البر وعلامات الحب والتقدير للآباء والأمهات صلة هؤلاء الأصدقاء بعد وفاة الوالدين؛ فعن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إِنَّ أَبَرَّ الْبِرِّ صِلَةُ الْوَلَدِ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ” رواه مسلم.
رابعا: الصدقة عنهما: وهو الباب الأوسع والأضمن، فقد أجمع أهل العلم على وصول ثواب الصدقة إلى الميت، كما قال ابن المبارك: “ليس في الصدقة خلاف”، كما ثبت في صحيح البخاريّ عن ابن عبّاس رضي الله عنهما “أنَّ سَعْدَ بنَ عُبَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنْه تُوُفِّيَتْ أُمُّهُ وَهو غَائِبٌ عَنْهَا، فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ إنَّ أُمِّي تُوُفِّيَتْ وَأَنَا غَائِبٌ عَنْهَا، أَيَنْفَعُهَا شيءٌ إنْ تَصَدَّقْتُ به عَنْهَا؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: فإنِّي أُشْهِدُكَ أنَّ حَائِطِيَ المِخْرَافَ صَدَقَةٌ عَلَيْهَا”.
موقع إسلام أون لاين