كيف اهتم الإسلام بالوقت ؟

   كيف اهتم الإسلام بالوقت ؟

اعتنى القرآنُ الكريم والسُّنة المُطهَّرة بقيمة الوقت في حياة المسلم؛ فقد أقسم الله تعالى بالوقت؛ كما في قوله: ” وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ ” العصر: 1، 2؛ وقوله: ” وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى ” الليل: 1، 2؛ ولِعَظِيمَ قَدْرِ الوقت؛ فإنَّ الله تعالى ذَكَرَه في معرض الامتنان على عباده، فقال: ” وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا ” الفرقان: 62. أي: جعل الليلَ يخلف النهار، والنهارَ يخلف الليل، فمَنْ فاته عمل في أحدهما؛ فإنه يستطيع أنْ يتدارَكَه في الآخَر. فهناك أسباب كثيرة تؤدي إلى ضياع الوقت وهدره، فمن أهمها:

– الجهل بقيمة الوقت: فالإنسان عدو ما يجهل، فإذا جهل قِيمةَ وقتِه؛ أضاعَهَ وبَدَّدَه، ولم يعرف كيف يستفيد منه.

– الكسل: والكسلُ آفةٌ خطيرة تقتل كُلَّ إبداع، وتُجابِه كلَّ عملٍ مُثمِر.

– ضياع الهدف: والهدف الأسمى الذي ينبغي أنْ يسعى إليه كلُّ مُسلمٍ؛ هو رضا الله تعالى، والفوزُ بكرامته.

– سُوء التنظيم: ومن سوء التنظيم عدم البدء بالأهم فالمُهم وهكذا، فمِنْ سوءِ التنظيم: تعلُّم السُّنن قبل الفرائض، وإحكامُ الفروع قبل الأصول، فهذا تضييع للوقت.

– الغفلة: قال تعالى: ” وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ” الكهف: 28. فمِنْ أهمِّ صفات أهل الغفلة؛ التفريط في الوقت وإضاعته.

– صُحبَة البَطَّالِين: فالمرء على دين خليله، يتأثر بسلوكه، والصاحِبُ ساحِب.

– التعلُّق بالدنيا: حبُّ الدنيا والانغماس فيها؛ يُنسِي الاستعدادَ للآخرة، واغتنامَ كلِّ لحظاتِ العمر في طاعة الله تعالى.

– طُولُ الأمل: جميلٌ أنْ نحملَ في قلوبنا أملاً؛ كي نعمِّر الكونَ بكل أنواع الخير، فالإنسان مفطور على حُبِّ الحياة.

– التسويف: وهو مِنْ أعظم أسباب ضياع الوقت، فبسبب التسويف ينقضي العمرُ كلُّه بلا توبة، ولا عملٍ صالح؛ لذا جاءت الوصية العظيمة من النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: “اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: حَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَشَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ” صحيح – رواه الحاكم.

فالواجِبٌ علينا حِفْظُ الأوقات، واغتنامُ الدقائق قبل الساعات في كلِّ ما يعود علينا بالنَّفع والخير، وقد كان السلف رضي الله عنهم أحرص ما يكونون على أوقاتهم؛ لأنهم كانوا أعرف الناس بقيمتها. قال الحسن البصري رحمه الله ” أدركتُ أقواماً كانوا على أوقاتهم أشد منكم حرصاً على دراهمكم ودنانيركم”. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إِنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ مِنْ عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ: عِلْمًا عَلَّمَهُ وَنَشَرَهُ، وَوَلَدًا صَالِحًا تَرَكَهُ، وَمُصْحَفًا وَرَّثَهُ، أَوْ مَسْجِدًا بَنَاهُ، أَوْ بَيْتًا لاِبْنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ، أَوْ نَهْرًا أَجْرَاهُ، أَوْ صَدَقَةً أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ، يَلْحَقُهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ” حسن – رواه ابن ماجه.