اختتمت الدورة الـ29 لمؤتمر الأمم المتحدة للمناخ -كوب 29 – التي انعقدت في باكو عاصمة أذربيجان، في الفترة من 11 إلى 22 نوفمبر الجاري، بمشاركة نحو 80 من قادة الدول والحكومات، بحضور الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.
اتفقت دول العالم، الأحد، على هدف تمويل سنوي بقيمة 300 مليار دولار لمساعدة الدول الأكثر فقراً على مواجهة آثار تغير المناخ، وفقاً لاتفاق تم التوصل إليه بصعوبة خلال الدورة التاسعة والعشرين من مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ -كوب 29 – المنعقدة في العاصمة الأذرية باكو. ومع ذلك، أعربت الدول المستفيدة من الاتفاق عن استيائها، واصفةً إياه بأنه غير كافٍ على الإطلاق. ويأتي هذا الاتفاق ليحل محل تعهدات سابقة من الدول المتقدمة بتقديم 100 مليار دولار سنويا للدول الفقيرة، والتي تم الوفاء بها في عام 2022 بعد تأخر دام عامين عن الموعد المحدد. كما تم الاتفاق على قواعد سوق عالمية لشراء وبيع أرصدة الكربون، وهي خطوة يأمل المؤيدون أن تؤدي إلى استثمارات ضخمة في مشاريع تهدف إلى مكافحة الاحتباس الحراري. ومن المتوقع أن تساهم دول غنية مثل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في دعم هذا الهدف المالي. وتواجه الدول النامية التي تعاني من آثار تغير المناخ، مثل العواصف والفيضانات والجفاف، تحديات كبيرة بسبب الخسائر المادية الهائلة، وقد اعتبرت هذه الدول أن المقترح الذي تقدمت به أذربيجان والذي يحدد تمويلا بقيمة 250 مليار دولار سنويا هو غير كاف. وفي وقت لاحق، تم تعديل المبلغ إلى 300 مليار دولار في محاولة لإنهاء الجمود في المفاوضات. وكان من المقرر اختتام القمة أول أمس الجمعة لكنها امتدت لوقت إضافي مع سعي مفاوضين من نحو 200 دولة للتوصل إلى اتفاق بشأن خطة التمويل المناخي العالمية في العقد القادم. ورغم التقدم الذي تم إحرازه، لا تزال هناك مخاوف بشأن كيفية جمع المبالغ المحددة، حيث أظهرت المحادثات انقسامات بين الحكومات الغنية التي تعاني من قيود مالية محلية والدول النامية التي تشكك في قدرة هذه الوعود على الوفاء بمتطلباتها. ووفقا لمجموعة من الخبراء المستقلين التابعين للأمم المتحدة، تقدر الحاجة إلى المساعدة الخارجية بحوالي تريليون دولار سنويا حتى عام 2030، ومن المتوقع أن ترتفع هذه الحاجة إلى 1.3 تريليون دولار سنويا بحلول عام 2035. لتحقيق هذا الهدف، ينص الاتفاق على زيادة كبيرة في قروض البنوك التنموية متعددة الأطراف أو إلغاء ديون الدول الفقيرة. كما يتم تشجيع الدول المانحة الإضافية على المشاركة في تقديم الدعم المالي المطلوب. وقد أعربت شاندني راينا ممثلة الوفد الهندي خلال الجلسة الختامية لمؤتمر المناخ -كوب 29 -عن أسفها لإقرار الاتفاق، قائلة: -إن هذه الوثيقة ليست أكثر من مجرد خداع بصري-. وأضافت أن هذا الاتفاق لن يكون كافياً لمعالجة التحديات الضخمة التي نواجهها جميعًا. من جانبه، أقر رئيس هيئة المناخ في الأمم المتحدة، سيمون ستيل، بالصعوبات البالغة التي واجهت المفاوضات على مدار أسبوعين، لكنه أشاد بالنتيجة النهائية، ووصفها بأنها -وثيقة تأمين للبشرية-، مشيراً إلى أن الاتفاق سيسهم في تعزيز الطاقة النظيفة وحماية حياة مليارات الأشخاص. وتجدر الإشارة، إلى أن اتفاق باريس للمناخ لعام 2015 كان قد حدد هدفًا للحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية. وفقًا للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، وصل ارتفاع متوسط درجات الحرارة حاليًا إلى 1.3 درجة مئوية. وتتوقع الأمم المتحدة، أن تشهد درجات الحرارة العالمية ارتفاعًا بنحو 3.1 درجة مئوية بحلول نهاية هذا القرن، إذا استمرت انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري واستخدام الوقود الأحفوري. وفي سياق متصل، دعت الحكومات الأوروبية الدول الأخرى للانضمام إليها في المساهمة بتمويل المناخ، بما في ذلك الصين، التي تعد ثاني أكبر اقتصاد في العالم، ودول الخليج. وشجع الاتفاق الدول النامية على تقديم مساهمات، لكنه لم يفرض عليها التزامات ملزمة. كما يتضمن الاتفاق هدفاً أوسع لجمع 1.3 تريليون دولار من تمويل المناخ سنوياً بحلول عام 2035، وهو هدف يشمل التمويل من جميع المصادر العامة والخاصة. ويرى خبراء الاقتصاد، أن هذا الرقم يعكس الحد الأدنى اللازم لمعالجة ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي. وعلى هامش القمة، توصلت الدول إلى اتفاق مساء السبت، بشأن قواعد سوق عالمية لشراء وبيع أرصدة الكربون، وهي خطوة يقول مؤيدوها إنها ستؤدي إلى استثمارات بمليارات الدولارات في مشروعات جديدة تدعم مكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري. ويظل التحدي الأكبر للدول النامية هو الحصول على الدعم المالي الكافي لمساعدتها على مواجهة تداعيات تغير المناخ، بينما تسعى الدول المتقدمة للوفاء بالتزاماتها السابقة وبناء الثقة بالاتفاقيات المستقبلية.
إيمان عبروس