فلنتأمل ما يقوله الله جلّ وعلا لنبيه الكريم صلى الله عليه وسلم: ” وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى ” طه:131، وفي صحيح الإمام مسلم، يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: “انْظُرُوا إلى مَن أسْفَلَ مِنكُمْ، ولا تَنْظُرُوا إلى مَن هو فَوْقَكُمْ، فَهو أجْدَرُ أنْ لا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ”.. وفي صحيح مسلم أيضًا، قال صلى الله عليه وسلم: “إذا نَظَرَ أحَدُكُمْ إلى مَن فُضِّلَ عليه في المالِ والخَلْقِ، فَلْيَنْظُرْ إلى مَن هو أسْفَلَ منه”. ولا شك أنّ كثرة النظرِ إلى من فُضِّلَ علينا في الرزق والعطاء، لها نتائجُ سيئة، وعواقب وخيمة.. من ذلك:
– العمى عن رؤية نِعَمِ اللهِ تعالى، وازدراؤها واحتقارها، وعدم شكرها، مع عظيمِ قدرها، واستحالةِ عدِّها، وربما أوهمهُ الشيطانُ بأنه محرومٌ أو مظلوم.. أو أنهُ أحقُّ من غيره.. فيعرّضُ نفسهُ بذلك لغضب الله وعذابه، فقد قال جلَ وعلا ” وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ” إبراهيم: 7.. وقال تعالى ” وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُون” النحل:112.
– ومن تلك النتائج الخطيرة أيضًا: الوقوعُ في الحسد المحرّم، وهو تمني زوالَ النعمةِ عن الغير.. قال الإمام أبو الليث السمرقندي: “ليس شيءٌ من الشرّ أضرُّ من الحسد؛ فالحاسدُ يُصابُ بخمس عقوباتٍ، قبل أن يصلَ ضررهُ إلى المحسود: أولها: غَمٌّ لا ينقطع، والثانية: مصيبةٌ لا يؤجرُ عليها، والثالثة: مذمَّةٌ لا يُحمدُ بها، والرابعة: سخطُ الرب جل وعلا، والخامسة: يُغلقُ عليه بابُ التوفيق، وقال بعض الحكماء: “ما رأيتُ ظالمًا أشبه بالمظلوم من الحاسد”…
الشيخ ندا أبو أحمد