لقد أظلَّكم شهر عظيم ووافد كريم – هو شهر رمضان – الذي أنزل فيه القرآن، هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، شهر كتب الله عليكم صيامه، وسنَّ لكم نبيُّكم صلى الله عليه وسلم قيامه لتتحلَّوْا بالتقوى، فتنجوا من نار تلظَّى، وترثوا الفردوس الأعلى، فما أعظمَ الحكمةَ، وما أكرمَ الغايةَ!. ادعوا ربكم أن يبارك لكم في بقية شعبان، وأن يبلغكم رمضان، وأنتم في عافية وخيرٍ وأمان، فإن شهر رمضان شهر يجتمع لكم فيه شرف العبادة مع شرف الزمان، ويضاعف فيه العمل، ويضاعف فيه الثواب، ويُستجاب فيه الدعاء، ويرفع فيه الذكر والثناء، شهر أوله رحمه، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار، وتفتح فيه أبواب الجنان، وتُغلَّق فيه أبواب النيران، وتصفَّد فيه مردةُ الشياطين، وتُيسَّر فيه أنواع البر والإحسان للراغبين، وفيه ليلة القدر، ليلة خير من ألف شهر، فاستبشروا بقدومه، واغتبطوا ببلوغه، واشكروا الله تعالى على نعمته. إن من خطة المسلم الحكيمة المحكمة في رمضان أن يؤدي ما أوجبه الله عليه على أكمل وجه يستطيعه، وأن يجتنب ما نهاه الله عنه جميعَه، فيحافظ على الصلوات المكتوبات، ويخرج ما وجب في ماله من الزكاة، ويعمر أوقاته بالذكر والدعاء وتلاوة القرآن، وأن يتصف بالكرم والجود والإحسان، وأن يَكفَّ أذاه عن الناس؛ فإنه صدقة منه على نفسه، ويحب له ما يحب من الخير، ويعتني بأهل بيته، فيعلمهم ما يعلم من الأحكام، ويحضهم على الاستقامة وترك الآثام، ويذكرهم ما حباهم الله من النعم، وما ينبغي لها من الشكر، ويُحذِّرهم ويزجرهم عن الاستهانة بها وخطر الكفر، ويحضهم على حسن الخلق، وحسن معاملة الخلق، وعلى حفظ الأوقات بشغلها بالطاعات. وأن يتزيَّن بالتقوى؛ فإنها خيرٌ وأكرم وأزين لبسة، وأن يتوب إلى الله تعالى مما اقترف من الآثام، وأن يُطعِمَ الطعام، ويَصِل الأرحام، ويفشي السلام، ويصلي بالليل والناس نيام؛ ليدخل الجنة بسلام، ويغتنم عمرة في رمضان؛ فإنها تعدل حجة مع من أنزل عليه القرآن، ويأمر بالمعروف، وينهي عن المنكر، وينصح لمن استنصحه وينبِّههم على شؤم التفريط فيه.
من موقع إسلام واب