نفّذ المجاهدون في 27 أوت 1957 كمينًا نوعيًا في منعرجات ديبلينو بولاية معسكر، وقد سُمي هذا الكمين بـ “معركة دير السلوقي”، الذي ركز على القوافل العسكرية المرافقة لقوافل المعمرين المتجهة نحو وهران.
نصب المجاهدون كمينهم الاستراتيجي في منطقة “دير السلوقي”، الواقعة على الطريق الوطني الرابط بين معسكر وحسين، وقد أسفرت هذه المعركة عن القضاء على قافلة الجيش الفرنسي بالكامل، وغنم المجاهدون ما فيها من أسلحة وحرقوا السيارات، مع تكبّد جيش التحرير الوطني خسائر بسيطة متمثلة في استشهاد جندي وجرح آخر.
وهو ما يؤكد على التخطيط الدقيق والبراعة القتالية في اختيار التوقيت والمكان المناسبين لتوجيه ضربة موجعة للعدو، حيث حدد وقت التنفيذ في حدود الساعة الخامسة مساءً، وهو التوقيت الذي يتزامن مع فترة الغسق أو ضعف الرؤية، مما يشير إلى الاستغلال الذكي للتوقيت بهدف تعظيم عنصر المفاجأة وضمان الانسحاب السريع بعد إتمام المهمة، حسبما توضحه الشهادات الموثقة بمتحف المجاهد بمعسكر.
وتعد معركة “دير السلوقي”، التي وقعت أواخر صيف 1957 مثالاً ساطعاً على الكفاءة التكتيكية والتخطيط الدقيق، الذي وصل إليه جيش التحرير الوطني في المنطقة السادسة من الولاية الخامسة.
وكان الهدف الرئيسي للعملية هو نصب كمين لقوات الجيش الاستعماري الفرنسي، التي كانت مرافقة لقوافل المستوطنين المتوجهة نحو وهران، ودلّ ذلك على أن العملية لم تستهدف القوة العسكرية فحسب، بل كانت موجهة أيضاً لضرب الشريان اللوجستي والاقتصادي الذي يخدم المستوطنين الفرنسيين، مما يضاعف الضغط على الإدارة الاستعمارية من خلال ضرب قوتها الأمنية والاقتصادية في آن واحد.
أظهر كمين دير السلوقي، إتقاناً كبيراً لحرب العصابات، كما كانت نتائج المعركة مذهلة بالنظر إلى التباين في القوة النارية بين الطرفين، حيث أسفرت العملية عن قتل كل من كان في قافلة قوات جيش الاحتلال، وتم غنم جميع الأسلحة التي كانت بحوزتهم، فضلاً عن حرق جميع السيارات التي كانت تقل القافلة.
في المقابل، كانت خسائر جيش التحرير الوطني محدودة للغاية، وذلك دليل على التخطيط الدقيق والذكاء في اختيار المكان والزمان، وتؤكد الانتقال إلى تكتيكات نوعية عالية الكفاءة بدلاً من الاشتباك العشوائي، مما يعكس النضج التكتيكي للقيادات الثورية في الولاية الخامسة.
وبعد نجاح كمين دير السلوقي، تفرقت عناصر الكتيبة لتنتشر في إقليم جبال بني شقران، وهي المنطقة التي كانت تمثل قاعدة خلفية صلبة للمجاهدين، ومهدًا لحركات المقاومة، وفي هذه المنطقة الوعرة، واصلت الكتيبة عملياتها النوعية، حيث نفذ كمين بعين فارس، الأمر الذي أثبت أن المجاهدين لا يكلون ولا يملون، وينتقلون بخفة بين المدينة والجبل، محافظين على وتيرة الاشتباك العالية ضد قوات الاحتلال.






