قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” كل معروف صدقة ” رواه البخاري، فيا لها من كلمة عظيمة جامعة للخيرات، ويا له من كلام بليغ محيط بأصناف البر والبركات. فكما دخل في هذا الإحسان الديني يدخل فيه الإحسان الدنيوي، وكما يدخل فيه المعروف بالجاه والمقال، يدخل فيه المعاونات البدنية والإحسان بالمال، ويتناول المعروف إلى الصاحب والقريب، والمعروف إلى العدو والبعيد، فمن علم غيره علمًا، أو أهدى له نصحًا، فقد تصدَّق عليه، ومن نبَّهه على مصلحة دينية أو دنيوية، أو حذَّره من مضرة، فقد أحسن إليه.
أيها الإنسان، لا تحقرن من المعروف شيئًا، ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق، وتباشر جليسك بالبشاشة وحُسن الخلق، ولو أن تفرغ الدلو للمستقي والمتوضئ، ولو أن تعطي صلة الحبل وتعير الإناء للمستجدي، وكلما كانت العاريَّةُ أنفعَ كان أجرها أفضل. ومن المعروف إماطة الأذى عن الطريق، وعزل العظم والشوكة، وجميع ما يؤذي، ومن المعروف هداية الأعمى في المساجد والطرق وهداية الحيران، وأن تسمع الأصم، وتطعم الجائع وتسقي الظمآن، وتغيث المكروب واللهفان، ومن المعروف إعانة أصحاب الحوائج من الأقارب والأباعد والجيران، والعفو عمن ظلمك ومقابلة الإساءة بالإحسان. ومن المعروف الدعوة إلى طعام أو شراب، للأغنياء والفقراء والبعداء والأقراب، وسماحك لمن ينتفع بشيء من ملكك من ماشية ونخلٍ وأشجار، بلبن أو خوصٍ، أو حطب أو ثمار، وإعانة المسلم بكتابة وعمل صنعة ونقل متاعٍ، ومن المعروف بذل الفضل في المعاملات والمحاباة فيها، فما شيء يترك ثوابه ولا يضاع.
ومن المعروف الإحسان إلى المماليك من الآدميين وسائر الحيوانات، ففي كل كبد حرَّاء أجر واكتساب للخيرات، ومن المعروف أن تبذل لغيرك دواءً نافعًا، أو تباشره بطب، أو تصف له حِميَةً أو دواءً ناجعًا، فكلما أوصلته إلى الخلق من البر والإحسان والتكريم، فإنه داخل في خطاب النبي الكريم، قال تعالى ” وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ” المزمل: 20.