كلمةٌ من الكلمات أبكَت عيون الأزواج والزوجات، وروَّعَت قلوب الأبناء والبنات، يا لها من كلمة صغيرة، ولكنها جليلة عظيمة خطيرة: الطلاق، الوداع والفراق، والجحيم والألم الذي لا يُطاق، كم هدم من بيوت للمسلمين، كم فرَّق من شمل للبنات والبنين، كم قطع من أواصر للأرحام والمحبِّين والأقربين! يا لها من ساعة حزينة، يا لها من ساعة عصيبة أليمة! يوم سمعت المرأة طلاقها، فكفكفَت دموعها، وودَّعَت زوجها، ووقفَت على باب بيتها؛ لتلقي آخرَ النظرات على بيتٍ مليءٍ بالذكريات، يا لها من مصيبة عظيمة، هدمت بها بيوت المسلمين، وفرق بها شمل البنات والبنين!. كثر الطلاق اليوم حينما فقدنا زوجًا يرعى الذمم، حينما فقدنا الأخلاق والشيم، زوجٌ ينال زوجته اليوم فيأخذها من بيت أبيها عزيزة كريمة ضاحكةً مسرورةً، ويردها بعد أيام قليلة حزينة باكية مطلقة! كثر الطلاق اليوم حينما استخفَّ الأزواج بالحقوق والواجبات، وضيَّعوا الأمانات والمسؤوليات، سهرٌ إلى ساعات متأخرة، وضياع لحقوق الزوجات، والأبناء والبنات، يُضحك الغريب ويُبكي القريب، يُؤنس الغريب ويُوحش الحبيب.
كثر الطلاق اليوم حينما فقدنا زوجًا يَغفر الزلَّة، ويستر العورة والهنة، حينما فقدنا زوجًا يخاف اللهَ، ويتَّقي الله، ويرعى حدودَ الله، ويحفظ العهود والأيام التي خلَت، والذكريات الجميلة التي مضت. كثر الطلاق لما كثرَت النعم، وبطر الناس الفضل من الله والكرم، وأصبح الغني ثريًّا؛ يتزوَّج اليوم ويطلِّق في الغد القريب، ولم يعلم أن الله سائله، وأنَّ الله محاسبه، وأن الله موقفه بين يديه في يومٍ لا ينفع فيه مالٌ ولا بنون، ولا عشيرة ولا أقربون. يا من يريد الطَّلاق، إن كانت زوجتك ساءتك اليوم، فقد سرَّتك أيامًا، وإن كانت أحزنتك هذا العام، فقد سرَّتك أعوامًا. يا من يريد الطلاق، صبرٌ جميلٌ؛ فإن كانت المرأة ساءتك، فلعلَّ الله أن يُخرج منها ذريَّةً صالحةً تقر بها عينك، فالمرأة تكون عند زوج تؤذيه وتسبه وتهينه وتؤلِمه، فيصبر لوجه الله ويَحتسب أجره عند الله، ويعلم أنَّ معه الله، فما هي إلا أعوامٌ حتى يقر الله عينه بذرِّية صالحة، وما يدريك فلعلَّ هذه المرأة التي تكون عليك اليوم جحيمًا، لعلها أن تكون بعد أيام سلامًا ونعيمًا، وما يدريك فلعلها تَحفظك في آخر عمرك، صبرٌ فإن الصبر عواقبه حميدةٌ، وإن مع العسر يسرًا.
موقع إسلام أون لاين