كشف عن فحوى لقائه بنجيب محفوظ ويوسف إدريس… ميهوبي يؤكد أن الارهاب ليس أعمى وحرية المثقف “مسؤولية”

elmaouid

تتسم العلاقات بين مصر والجزائر، بالعمق الضارب في الجذور، فالعلاقة بين البلدين ليست وليدة اليوم أو الأمس، وإنما يوجد بينهما ما يُشبه “المصاهرة التاريخية”، بتعبير وزير الثقافة عز الدين ميهوبي، الذي التقى

جمهور معرض القاهرة الدولي للكتاب، السبت، ضمن فعاليات اللقاء الفكري، الذي أداره الإعلامي محمد عبد الرحمن.

 

وقال ميهوبي، إن وزارة الثقافة الجزائرية قد اتفقت مع الدكتورة إيناس عبد الدايم، وزيرة الثقافة المصرية، على هامش المشاركة في معرض القاهرة الدولي للكتاب، على التعاون المثمر في مجالات النشر والسينما والمسرح، موضحًا أنها إحدى الطرق لدفع العلاقات بين البلدين إلى الأمام.

وأضاف: “هذا المعرض فسحة حقيقية لنا جميعًا، لا خيار لنا إلا أن نشق طريقنا بأمان إلا باللجوء إلى المعرفة الحقيقية والمستنيرة، فلا يمكن أن نفكر في مستقبل الأجيال القادمة خارج عالم الحداثة، فلا يمكن أن ننتظر معجزة تأتي لنا من السماء، ولكن يجب أن ننسجم ونستجيب أمام هذه المطالب، ونحقق للأجيال دخول عالم الحداثة”.

ورأى “ميهوبي” أننا بحاجة إلى بيئة صحية في الفضاء الثقافي والفكري، ربما نعيش حالة إحباط، وانهيارات وخوف من المستقبل، لذا، علينا أن نراهن على التعليم الجيد المفيد، وعلينا أن نقرأ التجارب الناجحة في القرون التي تحققت في فترة قصيرة، مشيرًا إلى أن الجزائر دخلت مرحلة يُطلق عليها، مرحلة “ما بعد الإرهاب”.

وتابع قائلا: “واجهت الجزائر التطرف، والإرهاب، وجحافل الإرهابيين القتلة، الذين كانوا يأتون من كل مكان، واجهتهم بالصبر، وبدولة المؤسسات، التي استطاعت أن تحافظ على أعمدة الدولة، وتردع المتطرفين”.

وتحدث وزير الثقافة عن العلاقات المصرية الجزائرية، مستدعيًا أزمة مباراة كرة القدم عام 2009، التي أحدثت توترًا سياسيًا، وقد دافع آنذاك حين كان مسؤولًا بالدولة عن ضرورة تمسك البلدين بعلاقتهما الدبلوماسية والسياسية، إذ يقول “وضعت أمامي مثل كل الجزائريين، مصلحة البلدين، فقد انتهت المباراة، وفي أي مباراة هناك منتصر، وهناك منهزم، وهذه هي قواعد اللعبة، باعتبار أن العلاقات بين بلدينا ليست وليدة اليوم، أو الأمس، لكن يوجد لدينا ما يُسمى مصاهرة تاريخية كبيرة بين مصر والجزائر”.

وذكر “ميهوبي” أن النشيد التاريخي الوطني الخالد لجمهورية الجزائر، من ألحان الفنان محمد فوزي، وهو لحن متميز من بين كل الأناشيد الوطنية، وقد تم اختياره في مسابقة مدينة بروكسل البلجيكية النشيد الأجمل من ضمن 100 نشيد وطني، وذلك عام 1996، مشيرًا إلى أن هذا الموقف يؤكد حميمية العلاقة بين مصر، ومن المعروف أن نستحضر هذه المواقف.

وأشار إلى أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، منح الفنان محمد فوزي، أهم وسام في الجزائر، وهو وسام الاستحقاق الوطني وأطلق اسمه على أعلى وأكبر مؤسسة فنية للموسيقى، وهو “المعهد العالي للموسيقى”. وقال “لا يمكن أن نختصر العلاقة بين البلدين في مباراة كرة قدم مدتها 90 دقيقة”.

وذكر “ميهوبي” أيضًا، أن مصر دفعت في عام 1956، فاتورة كبيرة، إذ استهداف العدوان الثلاثي لها، لم يكن فقط بسبب قناة السويس، ولكن بسبب دعم مصر للثوار الجزائريين ضد الاحتلال الفرنسي.

ونوه إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي، في أول زيارة له خارج مصر، كانت زيارة الجزائر، وهو ما يدل على منسوب الثقة.

وأوضح أيضًا، أن مسألة توطيد العلاقة بين البلدين، مسؤولية المجتمعين المدني والرسمي، ليملأ الفراغ، ويبحث عن مزيد من نقاط الالتقاء، وجسور المعرفة والثقافة بين البلدين، حتى يُقطع الطريق على المفلسين والفاشلين لإحداث وقيعة بين البلدين.

وقال “غير صحيح أن الإرهاب أعمى، الإرهاب له عينان، ويحدد هدفه، ويجهز عليه، لذلك يجب أن نكون دائما على حيطة من الأمر تجاه هذه التحديات”.

وختم الدكتور عز الدين ميهوبي حديثه، بالتأكيد على دور القوى الناعمة، وهو شعار معرض القاهرة الدولي للكتاب، في مواجهة الإرهاب، وقال “المثقف يريد الحرية، وهي مسألة أساسية من الثوابت، فلا إكراه في الحرية، ولكن سقف الحرية معروف، هو المسؤولية، وسقف المسؤولية هي الأخلاق”.

فالمسؤولية في وجهة نظره، هي التي تجعل من الحرية قيمة مضافة في المجتمع، فالمثقف عليه أن يكون واضحًا في آرائه وأفكاره.

واستعاد “ميهوبي” تجربته كصحفي في البداية، وقال “كنت أول صحفي جزائري يجري حوارًا مع نجيب محفوظ، وتحدثنا في كل شيء، وقال لي كلامًا رائعًا عن الجزائر، والثورة الجزائرية، لازلت أذكره كما أجريت حوارًا مع الدكتور يوسف إدريس، وحاورته أيضًا، حين قال لي تصريحًا صادمًا، بأنه أحق بجائزة نوبل من نجيب محفوظ”.