نظمت وزارة العلاقات مع البرلمان يوما دراسيا تحت عنوان: “البعد الأكاديمي للاستشارة التشريعية”، في إطار سلسلة المبادرات الرامية إلى تجسيد مبدأ الديمقراطية التشاركية الذي يشكل أحد ركائز الجزائر الجديدة.
اللقاء، الذي شهد حضور وزراء، أساتذة جامعيين، خبراء، وممثلي المجتمع المدني، جاء ليؤكد إرادة سياسية واضحة نحو انفتاح الدولة على مختلف الفاعلين، وعلى رأسهم النخبة الأكاديمية، من أجل إثراء النصوص القانونية وضمان تكيّفها مع متطلبات المجتمع وتطوراته.
كوثر كريكو: إشراك كل المعنيين بالتشريع خيار استراتيجي

في كلمتها الافتتاحية، أبرزت وزيرة العلاقات مع البرلمان، السيدة كوثر كريكو، أن تنظيم هذا اليوم الدراسي يندرج في إطار التقاليد الجديدة التي أرساها رئيس الجمهورية، وفي مقدمتها تكريس الديمقراطية التشاركية كخيار لا رجعة فيه. وأكدت الوزيرة أن “غنى التشريع الوطني وتنوعه يعكس وعي الدولة بضرورة صياغة نصوص قانونية تستجيب للثوابت الوطنية وتلتزم بالمعايير الدولية”، مشيرة إلى أن إشراك كافة المعنيين بالتشريع – من أحزاب، مجتمع مدني، نقابات، وجماعات محلية – يمثل خطوة نوعية نحو حكم راشد. كما شددت كريكو، على أهمية الخطاب السنوي لرئيس الجمهورية أمام البرلمان، ولقاءاته المتكررة مع الإعلام الوطني، كآليات للاستماع لانشغالات المواطنين وتكييف القوانين مع الواقع.
وأشارت إلى أن أكثر من 78 نصا قانونيا صدر منذ سنة 2021، في مجالات حيوية كالإعلام والعمل النقابي، ما يثبت جدية الإصلاحات التي تقودها الدولة.
مصطفى حيداوي: المجلس الأعلى للشباب نموذج حي لمشاركة فعلية

من جهته، أكد رئيس المجلس الأعلى للشباب أن ما تعيشه الجزائر اليوم هو “تحول حقيقي من دولة تصدر القرارات إلى دولة تشرك المواطن في صياغتها”، مبرزا أن الشباب أصبحوا جزءا من عملية صنع القرار من خلال مؤسسات أنشئت خصيصا لهذا الغرض، وعلى رأسها المجلس الأعلى للشباب. وأشار إلى أن هذا المجلس، الذي يضم 348 عضوا منتخبا تحول إلى فضاء ديناميكي فعلي، يعبر فيه الشباب عن آرائهم وينقلون انشغالاتهم مباشرة إلى السلطات، مؤكدا أن هذه الآلية ليست إنجازا ظرفيا، بل استثمارا طويل الأمد في مستقبل الوطن.
محمد مزيان : الإعلام والاتصال في قلب المشاركة السياسية

أما وزير الاتصال، السيد محمد مزيان، فقد ألقى مداخلة حملت طابعا تأمليا عميقا استعرض فيها التحولات التي عرفها المجتمع الجزائري من خلال منظومة القيم الجماعية، مؤكدا أن الاتصال أداة حيوية في تعزيز الانتماء وتفعيل المشاركة في الشأن العام. وأوضح الوزير، أن دور الإعلام لا يقتصر على نقل المعلومة، بل يتمثل في تفسير الواقع وتقديم المواطن كشريك فعلي، مؤكدا أن الإعلام الجاد هو الذي “يخلق التوافق لا الفوضى، ويقرب لا يفرق”. كما دعا إلى تحويل آليات الاستشارة من مجرد هياكل إلى ثقافة راسخة، يؤمن بها المواطن ويشعر أن صوته فيها مسموع وله أثر.
نحو تكامل مؤسسي واستشارة منهجية..

وشكل اليوم الدراسي فرصة لمداخلات أكاديمية ومناقشات ثرية، ركزت على سبل تمكين الجامعة من لعب دور فعال في صياغة القوانين، انطلاقا من البحث العلمي والمعرفة الدقيقة بالواقع. واختتم اللقاء، بتوصيات تدعو إلى تعزيز قنوات الحوار بين الجامعة والبرلمان، وإنشاء لجان استشارية تضم خبراء وأساتذة جامعيين، لضمان فعالية النصوص القانونية وانسجامها مع تطلعات المجتمع. وقد مثل هذا اللقاء محطة جديدة في مسار جزائري يرسم ملامح مرحلة تشريعية قائمة على المعرفة، المشاركة، والتكامل بين المؤسسات، تحت قيادة تراهن على الذكاء الجماعي كقوة اقتراح وصنع قرار، في سبيل بناء دولة عصرية تستمع لمواطنيها وتشرع لصالحهم.
محمد بوسلامة