في كتابها الجديد «الجزائر 1962، تاريخ شعبي» عملت أستاذة التاريخ الجزائري المعاصر، مليكة رحال (1974) على إعادة اكتشاف أحداث معقّدة في تاريخ الجزائر المستقلة التي جرت في عام 1962، وأنهت فترة الاستعمار التي استمرت لأكثر من 130 عاماً. العمل الصادر أخيراً عن منشورات «البرزخ» ودار النشر الفرنسية “لاديكوفارت” تطرّق إلى حقبة تاريخية تمتد من جانفي إلى ديسمبر 1962، السنة التي تميزت بثلاثة أحداث فارقة حسب رؤية المؤلفة، وهي: الإعلان عن وقف إطلاق النار، والإعلان عن الاستقلال، وإنشاء أول حكومة جزائرية.
واعتمدت الباحثة على وثائق أرشيفية ثرية تتكون من مقالات صحافية عن تلك الحقبة، ونسخ من إصدارات مؤرخين ومراسلات موظفين دوليين وديبلوماسيين، من أجل إعادة إحياء أحداث تلك المرحلة كما عايشها المواطن الجزائري مع الأخذ في الاعتبار مختلف تأثيراتها.
وبدأت المؤرخة في سرد الأحداث من «منظمة الجيش السري»، فجمع شهادات عن أعمال العنف التي اقترفتها تلك المنظمة المكونة من متطرفين ودعاة الإبقاء على الاستعمار عبر نشر شائعات وسمت يوميات المواطنين آنذاك. بعدها، عرجت على أعمال تنصيب مختلف السلطات الجزائرية (لجان الأحياء، ممثلي جبهة التحرير الوطني…) وظهور تظاهرات شبابية، إلى جانب أشكال إضفاء الطابع الجزائري على الأحياء التي تركّز فيها الجزائريون للتضامن بينهم ومواجهة عنف ما قبل التحرير.
وتطرقت المؤرخة إلى تنظيم عودة اللاجئين والمحبوسين والمقاتلين، وتسيير مسائل حيوية وقتذاك، إضافة إلى مشكلات أخرى تمت مجابهتها، على غرار الأمن الغذائي، السكن، إزالة الألغام، إعادة تشغيل المصانع، تكوين الأساتذة والأطباء والمهندسين لضمان التغيير نحو دولة وطنية.
تجدر الإشارة إلى أن مليكة رحال افتكت الجائزة الكبرى “لمواعيد التاريخ 2022” بفضل هذا الكتاب.
ب-ص
