منذ نعومة أظافري وأنا المدللة عند أبيها، وأمها، جدي يسميني قمر، أما أمي وأبي فينادياني باسمي الحقيقي، الحقيقة جدي كان على حق عندما أطلق عليّ اسم قمر
كل صديقاتي ينادونني: قمر …
كل زميلاتي يظهرن لي المحبة والتبجيل وهن يأتمرن بأمري، حتى أنني أحسست بسلطة الزعيم عليهن، هن يعشقن بسمتي، كلماتي، يمدحن ملابسي وقصات شعري وكل شيء أحبه يحببنه والعكس صحيح.. إلى أن جاء ذلك اليوم الذي غيّر مسار حياتي، فكان يوما تاريخيا، يوم أن جاءت إلى ثانويتنا شابة فائقة الجمال، خجولة، خداها متوردتان توردا طبيعيا وكانت بنت عائلة محافظة لا تحب مصاحبة الآخرين حتى لو كانت من بني جنسها، علّمتني درسا لن أنساه ما حييت، حينما تكلمت معها بكل تكبر وخيلاء فقالت لي: وماذا تعتبرين نفسك، ألم تلد النساء بعدك أبدا، هل خلق الله منك واحدة فقط …
استفقت بعد هذه الكلمات التي أرجعتني إلى وعيي، بل إلى إنسانيتي، فقلت في قرارة نفسي: اللًعنة على من كان السبب، بداية من جدي إلى صديقاتي الى زميلاتي، ها هو قد جاء هذا اليوم لأجد من يواجهني بحقيقتي، أنا الآن في تحول عظيم …
واصلت كلامها: ومن تدرين نفسك، إنك بأقصى تقدير كتلة من الطين وستعودين كما خلقت ترابا تدوسه الأقدام، عودي إلى حقيقتك الغائبة عنك أفضل لك، تواضعي فمن تواضع لله رفعه، وكان الله مع عباده الطيبين …
وما إن أكملت صديقتي كلماتها حتى أُصبت بنوبة هستيرية من البكاء، فرقّ قلبها واحتضنتني وعرفت أني عدت الى الصواب، كفكفت دموعي وقبّلت جبيني وقالت: سامحيني، فلم أتركها تكمل الكلمة، بل وضعت كفي على فمها، وقلت لها: أنت التي تسامحيني، فأنت التي أعدت الحياة الى روحي، أنت التي أيقظت الانسانة في روحي أنت التي انتشلت جسدي البالي من نومته وأحييت قلبي على ربي وأعدتني لأراجع كتبي وأصحح دربي، فكلنا إنما خلقنا من طين …
وكم كانت فرحتي كبيرة أنني وجدت أن اسمها الحقيقي: قمر، لكنها قمر كالأرض كالنسيم …وكالبلسم، ومنذ ذلك الحين صرنا قمرين يطلعان في كل حين لا توقيت لهما للظهور… شعارنا الإحسان للجميع، وأحسنوا يحسن الله إليكم …
حركاتي لعمامرة/ بسكرة