لم تكن المرأة في القديم تستطيع أن تواجه المجتمع عندما تصطدم بواقع مرير تجد فيه الزوج عاجزا جنسيا، فتحرم من حقها كامرأة وكأم أيضا، إلا أن التغيير المسجل في المجتمع في السنوات الأخيرة أماط اللثام على
مجموعة من المعطيات، ليكشف بذلك حجم المأساة التي تتخبط فيها الأسر الجزائرية، وأصبحت المرأة تلجأ إلى الخلع للتخلص من رجل عاجز جنسيا يتحول بمرور الوقت إلى وحش لا يتوانى عن ضربها وسبها؛ تنفيسا عن عجزه في إثبات فحولته، لتصبح المحاكم اليوم مسرحا لقضايا الطلاق في الجزائر.
نساء لجأن إلى الخلع بسبب أزواج عاجزين
تحصلنا على عدد من القضايا عبر عدة محامين كان أبطالها زوجين لم يمر على زواجهما سوى أشهر قليلة، ليجدا نفسيهما أمام خيار الانفصال والسبب هو العجز الجنسي، ومن بين القضايا التي تم الفصل فيها نهائيا قضية سليم وليندة شابين يعملان في نفس المهنة جمعتهما الظروف فوقع الحب من أول نظرة، سارع سليم لخطبة ليندة وقام بالإجراءات اللازمة للزفاف في ظرف قياسي، حبهما يشهد به الجميع، كان دائم الحديث عن زوجته وهي كذلك، وجاء موعد الزفاف ومرت أشهر على زواجهما والكل يعتقد أنهما يعيشان حياة سعيدة، إلى أن جاء اليوم وقررت ليندة التوجه إلى القضاء لطلب الطلاق بعد أن أعلمت عائلتها بذلك، خاصة وأن الأمر تطور بينها وبين زوجها، بعد أن أصبح يقدم على ضربها وشتمها، وعندما وصلا عند القاضي سردت ليندة قصتها أين قدمت شهادة بأنها لا تزال عذراء، وأن زوجها عاجز جنسيا، ومنحته فرصا كثيرة لتتأكد في الأخير أن حالته ميؤوس منها فقررت التوجه نحو المحكمة، وأكدت أنه تحول إلى وحش معها أين كان يقدم على ضربها، لتنتهي العلاقة بمأساة بعد حب حسدهما عليه الجميع.
قضية أخرى لم تفصل فيها العدالة بعد صاحبتها مريم متزوجة من إبراهيم منذ أربع سنوات، التزمت الصمت كل هذه السنوات خوفا منها من كلام الناس، لتخرج عن صمتها بعد أن تعرضت لحالة إحباط استدعت دخولها إلى المستشفى، بقيت بعدها تحت مراقبة طبيب نفساني، لتقرر بعد شفائها مواجهة هذا المجتمع الذي حتم عليها البقاء مع زوج حرمها من أمومتها، فطلبت الطلاق إلا أنه رفض ورفع عليها دعوى يتهمها بالإهمال العائلي، لتضطر إلى طلب الخلع.
75 بالمائة من قضايا الطلاق سببها العجز الجنسي عند الرجل
أسرت مصادر من وزارة العدل أن من مجموع قضايا الطلاق المسجل في 2013 كان 75 بالمائة سببها الضعف الجنسي بمعدل 65 بالمائة بالنسبة للرجل و10 بالمائة بالنسبة للمرأة، وهي الأرقام التي رشحت المحامية خنوف حضرية أن تكون أكثر بسبب القضايا المسجلة بشكل يومي، حيث أن معدل العجز الجنسي تزايد بكثرة حسبها وأصبح عاملا مدمرا للأسر، وعلى الجهات المختصة البحث في حيثيات ذلك، خاصة عند الرجال، وسبب ظهور هذه القضايا أكثر في السنوات الأخيرة، هو أنه كان في السنوات الماضية من الطابوهات، أين كانت المرأة تخفي عجز زوجها، ظنا منها أن مثل هذه الحالات عابرة يمكن أن تتحسن بمرور الوقت، هذا من جهة ومن جهة أخرى تضيف الأستاذة أن نظرة المجتمع القاسية تجعل من هذه الأخيرة تضحي بسعادتها وحقها في الأمومة، لأجل ألا ينظر إليها على أنها امرأة مطلقة، فهناك حالات بقيت فيها نساء أكثر من 5 سنوات تحت هذه الوضعية، وهناك من يعشن مع أزواج عاجزين جنسيا مدى الحياة، إلا أن التفتح المسجل ببلادنا حسبها في السنوات الأخيرة واقتحام المرأة مجال العمل أكسبها خبرة وجعلها أكثر قوة، فحتى وإن كانت في البداية بعد اكتشافها للعجز الجنسي لزوجها جعلها تتستر عليه قليلا وتنتظر بعض الوقت لمنحه فرصة في إثبات عكس اعتقادها، إلا أنها بمجرد تأكدها أنه حالة ميؤوس منها تواجه الجميع انطلاقا من عائلتها ووصولا إلى المجتمع الذي لا يزال ينظر للمرأة المطلقة نظرة دونية، كما أصبح الخلع تضيف الأستاذة خنوف ورقة رابحة عندها فعندما يرفض الزوج تطليقها تلجأ لخيار الخلع، وتجدد حياتها دون الاستسلام لهذا الواقع المرير.
في المقابل هناك حالات لرجال يواجهون برودا جنسيا من النساء والرجل حسب الأستاذة أسرع من المرأة في اتخاذ قرار الطلاق.
البروفيسور خياطي: العجز الجنسي هو أول سبب للطلاق
أكد رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث “فورام”، البروفيسور مصطفى خياطي، أن آخر إحصائية لهم أثبتت أن 70 بالمائة من الجزائريين بين 30 و60 سنة يعانون ضعفا جنسيا يصاحبه ضعف في الصحة البدنية لدرجة العجز الكلي عن ممارسة حياته الجنسية بصفة طبيعية، وبعض حالات الضعف تؤدي لعقم نتيجة خلل في المخ والنخاع الشوكي المسببة لعدم طرح السائل المنوي أو القذف بصفة طبيعية، وقال خياطي إن الهيئة الوطنية لترقية الصحة، بصدد تنظيم دورات تحسيسية عبر الوطن وطرح هذا المشكل الصحي في ندوات ولقاءات مع جميع الفاعلين في مجال الصحة، خاصة وأن هذا المرض أصبح له تداعيات اجتماعية أين بات سببا رئيسيا للطلاق في الجزائر الذي زادت معدلاته بأرقام مخيفة، مشيرا إلى أن أغلب الحالات يتكتمون عن الأمر ويلجأون لطرق العلاج العشوائي سواء بالأعشاب أو بالمقويات دون زيارة الطبيب.