خلال إعصار إرما الذي ضرب الجزء الجنوبي الشرقي من الولايات المتحدة في منتصف سبتمبر الماضي، اضطرت كاثلين وولريتش إلى البحث مع والدتها عن مكان يؤويهما بعد أن بدأت مياه الأمطار تغمر منزلهما في فلوريدا.
حملت كاثلين مسرعة ثلاث حقائب بها أهم ما تملك إلى مأواها المؤقت وهو فندق بعيد عن الإعصار. حين وصلت الفندق تفاجأت والدتها بمحتوى الحقائب. لم تكن تضم سوى ثلاثة فساتين وعلب أدوية صغيرة، أما بقية الأغراض فكانت كلها ما جمعته كاثلين عن الجزائر طيلة 17 سنة.
روت الأميركية كاثلين ذات الـ50 سنة هذه القصة لموقع “الحرة” للتعبير عن مدى تعلقها بالجزائر التي زارتها سبع مرات، كانت أولاها في 2006.
تقول كاثلين إن والدتها لامتها كثيرا لعدم إحضارها مزيدا من الأغراض قصد استعمالها في مثل هذه الظروف الصعبة، وكذلك الأصدقاء والناس الذين رأوا ما كانت تحمل معها إلى الفندق. كان رد كاثلين “بإمكاني في أية لحظة شراء فستان أو سيارة لكنني لن أستطيع تعويض وثيقة تعود إلى القرن الـ16”.
وكانت كاثلين تشير إلى مخطوطات ووثائق وجرائد حول تاريخ الجزائر اشترت معظمها عبر الأنترنت. تملك ما تفوق قيمته 20 ألف دولار من المقتنيات حول الجزائر.
تتنوع هذه المقتنيات بين الخرائط القديمة والمخطوطات الأصلية ونسخ من صحف كتبت باللغتين الفرنسية والإنجليزية حول أحداث عرفتها الجزائر منذ أكثر من أربعة قرون.
وتتحدث كاثلين عن تاريخ الجزائر بتفاصيل دقيقة، بل تتحدى الباحثين خصوصا منهم الأميركيين الذين يصفون أنفسهم بالمختصين في الجزائر، بأنها تملك معلومات لا يمكنهم الوصول إليها.
وفي هذا السياق، تقول كاثلين “أعرف الأشياء الكثيرة عن محطات من تاريخ الجزائر لا يمكن إيجادها في الأنترنت ولا في الكتب لأنها ببساطة موجودة فقط في وثائق أصلية أرّخت لها. وأنا أحوز العديد من هذه الوثائق”.
وبدأت حكاية كاثلين مع الجزائر عام 2001 في فرنسا، عندما ذهبت إليها لتقفي آثار والدها الذي شارك في إنزال النورماندي الشهير. في المطعم المقابل للفندق الذي كانت تقيم به التقت كاثلين مجموعة من الجزائريين لاحظت أنهم يتحدثون لغة غريبة عنها.
وفي الحي الذي يقع به المطعم كانت هناك محلات أخرى يلتقي فيها الجزائريون. تقول كاثلين “في هذه المحلات بدأت أسمع أنواعا جديدة من الموسيقى. كان إيدير أول مغن أعجبت بموسيقاه وأدائه رغم أنني لم أكن أفهم الكلمات”.
من الفنان إيدير إلى مطربين آخرين من أمثال الحاج محمد العنقى إلى الريميتي وڤروابي واعمر الزاهي وغيرهم. “أستطيع القول إن الموسيقى الجزائرية هي أول من جلبني إلى الاهتمام بهذا البلد”.
لم تكن كاثلين تعرف الكثير عن الجزائر، ما عدا المعلومات العامة التي كان يرددها والدها حولها مما كان يسمعه حينما كان في فرنسا.
ومنذ سفرها إلى باريس، بدأت كاثلين تشتري كتبا حول تاريخ الجزائر وثقافتها وأنواعها الموسيقية، ولم يتوقف بحثها إلى غاية الآن.