بعد خمسة أعوامٍ من الانتظار، تنطلق بطولة كأس الأمم الأوروبية (يورو 2020) لأفضل منتخبات القارة العجوز. وبينما تنشغل الصحافة والإعلام العالمي في الحديث عن أبرز المنتخبات المرشحة لنيل البطولة وعتاولة القارة الذين طفت غرف ملابسهم بالنجوم العالميين كما فرنسا والبرتغال وإنجلترا، هناك نواةٌ من النجوم الصغار الذين يعملون بصمتٍ شديد للإدلاء بسحرهم على مسارح البطولة. فعدا عن كونها بطولة المنتخبات الأوروبية الأكبر، فهي محطة تسمح لهؤلاء الأشبال للإدلاء بمواهبهم أمام العالم أجمع ما يسهل طريقهم إلى العالمية ويسمح لهم بأخذ أماكنهم في صفوة أندية المستديرة. فمن منا ينسى ريناتو سانشيز، الموهبة البرتغالية وصاحب الـ18 عاما في اليورو الماضي عام 2016 والذي أبهر الجميع وأصبح حديث الساحة الكروية.
وما يميز اليورو كما جميع البطولات الدولية التي ينتظرها الجمهور لسنواتٍ طويلة أنها تحمل في طياتها العديد من المواضيع المشوقة والغامضة التي يمكن الحديث عنها وتحليلها، كونها لا تأتي سنوياً كما بطولات الأندية، ما يجعل خوض أي تجربة تخمينا صعبا بعض الشيء.
هناك بعض المواهب التي يتجاهلها الكثير والتي تستحق الالتفات إليها. لذلك، اختارت وسائل الاعلام ثلاثة لاعبين شبان ذوي مستقبلٍ مشرق من كل مركز. إذ تتوقع، وإن نجحوا في كسب ثقة مدربيهم ولعبوا بشكل متواصل خلال البطولة أن يتحولوا إلى نجوم عالميين على ألسنة الصحافة العالمية والأندية الكبرى التي ستطمح للظفر بخدماتهم.
والبداية تكون بالحديث عن الظهير الطائر لسبورتينغ لشبونة نونو مينديز. فقد أبى ابن الـ18 عاماً أن يحظى باهتمام كبار أندية القارة بعد نجاحه الملحوظ في موسمه الأول مع الفريق الأول لسبورتينغ لشبونة. إذ نجح بالمزج بين الصلابة الدفاعية والمساهمة الهجومية الممتازة، مستغلاً بذلك سرعته الفتاكة على الجبهة اليسرى من الميدان، ومساهماً بفوز فريقه ببطولة الدوري المحلي. إذ برزت أرقامه من الناحية الهجومية بشكل مميز، فقد أحرز ما يعادل مراوغة ونصف كل 90 دقيقة، كما تمكن من إحراز ما يعادل 1.1 تمريرة حاسمة في 90 دقيقة. وما يجعله الظهير العصري المتكامل يكمن في قوته الدفاعية أيضاً، والتي تمثلت في أرقامه الرهيبة، إذ استرد الكرة بمعدل 1.7 مرات في الـ90 دقيقة، ما رفع نسب نجاحه في استرداد الكرات بنسبة 70% وسمح للمنافسين بمراوغته بنسبة 0.7 مرات في الـ90 الدقيقة. وباستخدام لياقته العالية وجامعاً بين قدراته الهجومية وصلابته الدفاعية في التدخلات والواحد ضد واحد واسترداد الكرات، نجح الشاب البرتغالي اليافع في الوصول لأعتاب النجومية، آملاً أن يمنحه اليورو منصةً للوصول إلى العالمية.
ولا يجوز الحديث عن المواهب الصاعدة بدون التطرق إلى صاحب الـ24 ربيعاً نيكولو باريلا، جوهرة نادي إنتر ميلان وأحد أهم عوامل تحقيق النيراتزوري للقب الدوري هذا الموسم. فمنذ مجيئه إلى الإنتر تحول باريلا إلى لاعب وسط هجومي يميل للجبهة اليمنى أو ما يعرف بالإيطالية بالـ”متزالا”، ممهداً بذلك لأرقامه الرائعة التي حققها مع الانتر. إذ تمكن خلال الموسم السابق من الوصول لـ10 مساهمات تهديفية وتحقيق ما يعادل 2.6 تسديدة وتمريرة حاسمة في الـ90 دقيقة. لكن ما تخفيه هذه الأرقام هي إمكانية الشاب السارديني من الاحتفاظ بالكرة وضبط وتيرة المباراة بشكلٍ كبير من خلال السير والتقدم بالكرة إلى مناطق الخصم. إذ انفرد عن زملائه بسجل التمريرات إلى مناطق الخصم بـ222 تمريرة، ما سمح له بالإدلاء بـ86 تمريرة منها إلى داخل الصندوق. كما تمكن من الاحتفاظ بالكرة خلال عملية بناء الهجمة بدون خسارتها بما معدله 52.6 مرة في المباراة، سامحاً بذلك لنفسه بالوصول إلى 72% من المراوغات الناجحة خلال الموسم الفائت. لكنه، ومع ازدياد مهامه الهجومية، تراجع دفاعياً مقارنةً بموسمه المميز مع كالياري في 2017/2018، حيث استرد الكرة بما معدله 3.8 مرة في الـ90 دقيقة حينئذٍ، مقارنةً بالـ2.9 مرة في الـ90 دقيقة خلال الموسم الماضي. وبذات السياق فإنه تمكن من مضاعفة فرصه المؤدية إلى أهداف خلال الموسم الماضي. فقد نجح باريلا بالتحول إلى أحد أهم لاعبي الـ8 أو ما يعرف بال”Box-to-Box” في العالم وهو بانتظار البطولة الأوروبية لإظهار موهبته التي ستضعه على أعتاب النجومية الحتمية.
وعند التفكير بالمهاجمين لا يمكن تجاهل لاعب ريال سوسيداد صاحب الـ21 عاما السويدي ألكسندر إيزاك، الذي سيترأس هرم هجوم منتخبه بعد تأكيد إصابة زلاتان إبراهيموفيتش. فبعد أن أمضى موسماً رائعاً مع فريقه ريال سوسيداد وحصوله على لقب كأس الملك المؤجلة وضمان المشاركة في اليوروبا ليغ بعد أن حل في المركز الخامس في الدوري الإسباني، يتطلع الهداف السويدي صاحب الأرقام المميزة لوضع بصمته على مسارح البطولة الأوروبية. فقد تمكن من إحراز 17 هدفاً في 34 مباراة خلال الموسم الماضي وهو أعلى رقم يحرزه لاعب لريال سوسيداد منذ موسم 2002/2003.
وبعدما أحرز ثلاثة أهداف أمام ألافيس في فيفري هذا العام، أصبح إيزاك أصغر لاعب يحرز هاتريك لسوسيداد خلال العقد الأخير. ورغم أنه لم يصنع سوى هدفين إلا أن استمراريته وتجنبه للإصابات سمحت له بالوصول إلى نسبة دقة تمرير عالية تقدر بـ73%، و دقة تسديدات على المرمى تصل إلى 67%. فبناء على المعطيات واستناداً على الأداء المميز الذي قدمه المهاجم الشاب خلال الموسم الماضي، فإن إيزاك على بعد خطوةٍ واحدة من النجومية.
جميع هؤلاء الشبان يمرون بأفضل فترةٍ في مسيرتهم الكروية.