الجزائر- طرحت العديد من أحزاب المعارضة مؤخرا مبادرات سياسية تدعو للتوافق، بعد فترة من الخصومة، فيما يؤكد متابعون أنها خففت من مواقفها الراديكالية تجاه السلطة تحسبا للرئاسيات.
واقترحت أحزاب المعارضة مبادرات للتوافق السياسي وتحقيق الإجماع الوطني، بغية تحصين الجبهة الداخلية من المخاطر المحدقة بها، وتوفير أجواء ومناخ سياسي أكثر ملاءمة لتنظيم الانتخابات الرئاسية المقررة السنة القادمة.
وبادرت حركة البناء الوطني، بعقد سلسة من اللقاءات مع قادة أحزاب السلطة، إذ التقى وفد من رئاسة الحركة عبد القادر بن قرينة بالأمين العام لجبهة التحرير الوطني، جمال ولد عباس، وقال بن قرينة إن اللقاء يدخل في إطار تمتين الجبهة الداخلية والاستقرار لمواجهة المخاطر المحدقة بالبلد، وكيفية العمل على التكفل بانشغالات المواطنين والتخفيف من معاناتهم.
وتدخل هذه اللقاءات في إطار مبادرة سياسية أطلقتها حركة البناء الوطني بهدف توطيد العلاقة بين مختلف الأحزاب السياسية والحرص على استقرار الوطن.
وكانت حركة مجتمع السلم، قد جددت في بياناتها الأخيرة، دعوتها إلى ضرورة التوافق السياسي لإخراج البلد من الأزمة بمختلف تجليتها التي تعيشها الجزائر، وقالت الحركة في بيانها الأخير، عقب اجتماع المكتب التنفيذي، إنه لا سبيل للحل إلا بالتوافق الوطني ضمن رؤية الانتقال الاقتصادي والانتقال الديمقراطي الذي عنوانه الحوار وتغليب المصلحة الوطنية.
وقال القيادي في حركة مجتمع السلم، ناصر حمدادوش، إن ” حمس ” قد باشرت لقاءات سابقة غير معلنة قبيل انعقاد المؤتمر الاستثنائي السابع، ومن المرتقب أن تستأنف هذه اللقاءات قريبا، ويضيف المتحدث “إن “التوافق الوطني” مبادرة جادة تضع من خلالها الحركة طموحاتها الشخصية والحزبية تحت قدميها، هي من أجل مصلحة البلد نظرا للأزمة متعددة الأبعاد، ولتكن رئاسيات 2019 فرصة لها برؤية سياسية واقتصادية متكاملة أي مرشح للرئاسيات توافقي وحكومة توافقية لعهدة كاملة ومسار ديمقراطي وضمانات انتخابية بعدها”.
وجددت جبهة القوى الاشتراكية، دعوتها إلى مبادرة الإجماع الوطني، باعتبارها الحل الوحيد لمواجهة الأخطار التي تحدق بالبلد، والهدف منها هو المحافظة على الدولة الاجتماعية التي كرسها بيان أول نوفمبر.
ويقول حاج جيلاني “إن الدعوة إلى الإجماع الوطني الذي أطلق في المؤتمر الخامس للجبهة يبقى الحل الوحيد للأزمة السياسية في البلد، لكن النجاح يتطلب من الفاعلين السياسيين التحدث عن إجماع حقيقي من شأنه التغيير”.
ودعت حركة الإصلاح الوطني، إلى تنظيم ندوة حوار وطني، يبادر بها الرئيس، ويشارك فيها جميع العاملين، ويحرص على إنجاحها كل الفاعلين، للتوجه إلى بناء توافق سياسي وطني كبير بقاعدة شعبية واسعة لمعالجة الوضع القائم في البلد، على أن الانتخابات الرئاسية المقبلة يمكن أن تكون مرحلة أولى لتجسيد مخرجات التوافق الوطني وتكريس دولة الحق والقانون والحريات المنشودة.
وأجمع متتبعون للشأن السياسي في البلد على وجود تحول في خطاب المعارضة السياسية بدليل توجهها نحو طرح مبادرات للإجماع والتوافق السياسي مع السلطة بعد فترة من التشنج والخطاب الراديكالي الحاد، وقالوا إن المقترحات التي تقدمت بها أحزاب المعارضة ” مستهلكة ” عززت من العزوف السياسي وتشتت المعارضة.
ويقول في الموضوع القيادي في حركة النهضة، يوسف خبابة، إن أغلب المقترحات التي تقدمت بها أحزاب المعارضة ” مستهلكة”، الجديد فيها أن بعض الأصوات انتقلت من سقف مرتفع والمطالبة بتطبيق المادة 102من الدستور، إلى إصدار رسالة رجاء للرئيس لعدم الترشح وهذه مفارقة، والبعض كذلك انتقل من مقاطعة رئاسيات 2014 والمطالبة بعزل الرئيس إلى الدعوة إلى التوافق وهي الوجوه نفسها، ولم يحدث تغيير على قيادة هذه الأحزاب، فالحقيقة أن هذه التصريحات والمواقف المتناقضة عززت من العزوف السياسي وتشتت المعارضة، فهناك ضبابية كبيرة من جهة المعارضة للتعاطي مع الوضع السياسي والاقتصادي بالشكل المطلوب، ويقول المتحدث ” لا أعتقد على المدى المنظور أن تتوافق الطبقة السياسية على موقف موحد تجاه مشروع الولاية الرئاسية الخامسة الذي تنادي به وسائط السلطة الحزبية والنقابية والجمعوية ورجال الأعمال”.
ويضيف يوسف خبابة أن الأوساط الحزبية في الجزائر، في مأزق ولم تتمكن من بناء الثقة من جديد مع الجماهير وتعبئة الشعب حول مشاريعها، والانتخابات الأخيرة دلت على انحصار المعارضة بالرغم مما يقال عن شفافية الانتخابات، ويقول “إن التصريحات والبيانات لن تغير من ميزان القوى المختل بين السلطة والمعارضة، والأمر يتطلب عملا جديا وعملا غير تقليدي، إما أن ينبعث من ركام أحزاب المعارضة أو يتشكل من جديد في الأوساط الشعبية والشبانية خاصة”.