أشار إلى استمرار التحديات السياسية والاقتصادية بعد 63 سنة من عيد النصر..

قوجيل: استقلال الجزائر لم يكن نهاية المعركة بل بداية لنضال جديد

قوجيل: استقلال الجزائر لم يكن نهاية المعركة بل بداية لنضال جديد

أكد رئيس مجلس الأمة، صالح قوجيل، أن استقلال الجزائر لم يكن نهاية المعركة، بل بداية لمرحلة جديدة من النضال تتمثل في بناء الدولة المستقلة ومواجهة التحديات الداخلية والخارجية. جاء ذلك خلال مداخلته في الندوة التي نظمها المجلس الأعلى للشباب، الخميس، بمناسبة الذكرى الـ63 لعيد النصر، تحت عنوان “مسيرة نضال ملهمة.. رسالة لشباب الجزائر المنتصرة”.

 

استقلال الجزائر.. خطوة أولى في مسيرة طويلة

أوضح قوجيل أن نضال الجزائر لم ينته بنيل الاستقلال في 5 جويلية 1962، بل استمر في شكل معركة أخرى تتعلق بتأسيس دولة قوية ومستقلة. وأشار إلى أن الفترة الممتدة بين 19 مارس و22 يوليو من عام 1962 كانت حاسمة، حيث شهدت تنصيب الهيئة التنفيذية المؤقتة في روش عينوار، التي تكفلت بتسيير المرحلة الانتقالية والتحضير للاستفتاء على الاستقلال. وأضاف أن الاستفتاء، الذي جرى في الأول من جويلية 1962، كشف إجماعا تاريخيا حول إنهاء الاستعمار، إذ صوت الجزائريون بنسبة 99.9 بالمائة لصالح الاستقلال، فيما أيد الفرنسيون القرار بنسبة 90 بالمائة، ما يعكس إدراكا دوليا بضرورة إنهاء الاحتلال الفرنسي.

 

تحديات بناء الدولة.. خلافات مبكرة ومحاولات الهيمنة

تطرق رئيس مجلس الأمة إلى التحديات التي واجهتها الجزائر فور الاستقلال، مشيرا إلى أن مؤتمر طرابلس كان محطة مفصلية في تحديد توجهات الدولة الفتية من خلال المصادقة على “برنامج طرابلس”، الذي وضع أسس البناء الوطني. لكنه أشار إلى أن الخلاف بدأ حول تشكيل المكتب السياسي، وهو ما تسبب في اضطرابات داخلية أثرت على مسار بناء الدولة. كما استذكر قوجيل دور القوى الخارجية في محاولة فرض وصايتها على الجزائر المستقلة، مشيرا إلى كلمة الرئيس التونسي الأسبق الحبيب بورقيبة، خلال احتفال تونس بعيد النصر الجزائري في 19 مارس 1962، حيث قال: “الحكم في الجزائر لن يأتي على ظهر دبابة”، وهي عبارة حملت دلالات سياسية عميقة في تلك المرحلة.

 

الاقتصاد والاستقلال السياسي.. معركة مستمرة

في حديثه عن الوضع الراهن، شدد قوجيل على أن الجزائر تخوض اليوم معركة اقتصادية لا تقل أهمية عن نضالها السياسي، حيث تسعى لتحقيق استقلالية قراراتها الاقتصادية رغم محاولات بعض القوى الاستعمارية السابقة للتدخل مجددا بطرق غير مباشرة. وأكد أن الجزائر اليوم تمتلك سيادتها الاقتصادية، وتتخذ قراراتها بمعزل عن أي إملاءات خارجية، وهو ما يزعج بعض الأطراف التي لا تزال تحاول التأثير على خياراتها الاستراتيجية.

 

الإصلاحات السياسية والتشاور الموسع..

وفيما يتعلق بالمشهد السياسي، كشف رئيس مجلس الأمة عن دراسة قوانين جديدة تخص الأحزاب والجمعيات، بمبادرة من رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون. وأوضح أن الرئيس اعتمد منهجية تشاركية، حيث فتح باب التشاور أمام جميع الفاعلين السياسيين، وليس فقط المعنيين المباشرين، لضمان إعداد نصوص قانونية تستجيب لمتطلبات المرحلة. وأشار إلى أن هذه الخطوة تندرج ضمن رؤية أشمل تهدف إلى تعزيز دور المؤسسات المحلية، حيث سيتم لاحقا التطرق إلى قوانين أخرى، مثل قانون البلدية وقانون الولاية. وشدد قوجيل، على ضرورة ترسيخ الديمقراطية الداخلية داخل الأحزاب، لأنها تشكل الأساس لبناء مشهد سياسي صحي وقادر على المساهمة في التنمية الوطنية.

 

الإعلام.. ساحة معركة جديدة

لم يغفل رئيس مجلس الأمة أهمية الإعلام في المرحلة الحالية، حيث أكد أن الجزائر تواجه اليوم تحديات إعلامية كبيرة، خاصة مع تصاعد الحروب الإعلامية عبر القنوات الأجنبية. ودعا إلى تعزيز دور الإعلام الوطني ليكون في مستوى التحديات المطروحة، مؤكدا أن المعركة الإعلامية أصبحت لا تقل أهمية عن أي مواجهة أخرى.

 

رسالة للشباب.. الاستمرار في حماية الوطن

في ختام مداخلته، وجه قوجيل رسالة للشباب الجزائري، داعيا إياهم إلى مواصلة مسيرة الأجداد، ليس فقط عبر استذكار التضحيات، ولكن من خلال العمل على بناء جزائر قوية ومستقلة في مختلف المجالات. كما ثمن دور المجلس الأعلى للشباب في تكريس الوعي الوطني وتعزيز مشاركة الشباب في صناعة مستقبل البلاد. واختتم كلمته بتحية إجلال وإكبار لشهداء الجزائر، مؤكدًا أن رسالة النضال لا تزال مستمرة، وأن الجزائر ستظل صامدة أمام كل التحديات، متسلحة بإرادة شبابها ووعيهم العميق بتاريخ وطنهم ومستقبله.

محمد بوسلامة