قوانين الابتلاء في القرآن الكريم

 قوانين الابتلاء في القرآن الكريم

– لقد اقتضت إرادةُ الله سبحانه أن يمنح اﻹنسان اختيارًا في هذه الحياة تكريمًا له، وبمقتضى هذه المنحة قد يسيء فيظلم اﻷبرياء، ويلحق اﻷذى بهم؛ ولهذا كان أنفع دواء يتحصن به أمام هذا الابتلاء هو: الدفع بالتي هي أحسن مع التحلي بالصبر الجميل. قال الله تعالى: ” وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا ” الفرقان: 20. وأن العبرة بالنتائج، وأن العاقبة للمتقين مهما اشتدت المصائب، وتعاظمت الكروب.

– أن القاعدة العامة في العقوبات اﻹلهية التأجيل؛ يدلُّ على ذلك قوله تعالى: ” وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا ” فاطر: 45. وأن الله ليس بغافل عما يفعل الظالمون؛ قال تعالى: ” وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ ” إبراهيم: 42. ولكن قد تُعجَّل العقوبة، وقد تدفع بليَّة لحكمة إلهية، وقد يكون سبب ذلك دعوة مستجابة، أو نصرة مظلوم.

– أن الحكمةَ من الابتلاء هي الامتحان، وبعدها يكرم المرء أو يهان؛ قال تعالى: ” الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ” الملك: 2؛ ولهذا فإن الابتلاءَ له تعلُّق بموضوع اﻹيمان بالقدر خيرِه وشرِّه. وأن أفضل حصانة للثبات في وجه أعاصير الابتلاء، وزلازل الامتحان، هي: التحقُّق باﻹيمان، والتحلي بالصبر، والاعتصام بالتوكل على الله سبحانه.

– وبعد الصبر تأتي منزلة أعظم، وهي منزلة الرضا على المصائب، لا المعاصي والمعايب، قال عليه الصلاة والسلام: “إن عظمَ الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحَبَّ قومًا ابتلاهم، فمَن رضي فله الرضا، ومَن سخِط فله السُّخْط” رواه الترمذي. وقد كان مِن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: “وأسألك الرضا بعد القضاء” رواه النسائي.

– ومِن أسباب التحصن من الابتلاء: أن نسأل الله العافية، وقد علمنا رسول الله أن نسأل الله العافية في عدد كبير من النصوص، وفي مناسبات متعددة. ‏منها: ما جاء عن العباس بن عبد المطلب أنه قال: قلت: يا رسول الله، علمني شيئًا أسأله الله قال: “سل الله العافية”، ‏فمكثت أيامًا، ثم جئت فقلت: يا رسول الله، علمني شيئًا أسأله الله، فقال لي: “يا عباسُ، يا عمَّ رسول الله، سلِ الله العافية في الدنيا والآخرة” رواه الترمذي.