قوامة الرجل بين الهوى والشرع

قوامة الرجل بين الهوى والشرع

قِوام الشيء هو عِماده ونظامه، والقِوامة هي القيام على الأمر، والقوامة الزوجية: هي ولاية يفوَّض بها الزوج للقيام على مصالح زوجته بالتدبير والصيانة والإنفاق، وغير ذلك. ولم تكن قوامة الرجل على زوجته في القرآن تشريفًا له فقط، بل تكليفًا يحاسب عليه أمام الله لو فرَّط فيها؛ يقول تعالى: ” الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ” النساء: 34. قال السعدي في بيانها: يخبر تعالى أن الرِّجَال ” قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ ” أي: قوامون عليهن بإلزامهن بحقوق الله تعالى، من المحافظة على فرائضه وكفِّهنَّ عن المفاسد، والرجال عليهم أن يلزموهنَّ بذلك، وقوامون عليهن أيضًا بالإنفاق عليهن، والكسوة والمسكن، ثم ذكر السبب الموجب لقيام الرجال على النساء، فقال: ” بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ” أي: بسبب فضل الرجال على النساء وإفضالهم عليهن، فتفضيل الرجال على النساء من وجوه متعددة؛ من كون الولايات مختصة بالرجال، والنبوة، والرسالة، واختصاصهم بكثير من العبادات، وبما خصهم الله به من العقل والرزانة والصبر والجلد الذي ليس للنساء مثله، وكذلك خصهم بالنفقات على الزوجات، بل كثير من النفقات يختص بها الرجال، ويتميزون عن النساء.

ولا ريب عند العقلاء أن القوامة ليست على إطلاقها دون أن يحدَّها حدٌّ، كما يفهم في بعض المجتمعات أسيرة العادات المتوارثة. بل هي قوامة أساسها قائم بين الزوج وزوجه على المودة والرحمة، وبين ربِّ البيت مع أبنائه بالرحمة والعدل والإحسان، وليس على هواه، فيبطش ويضرب، ويمنع ويسيطر، ويستغل قوته الجسدية والعقلية، وتأثيره كربِّ البيت في الباطل والظلم عمن استرعاهم، ويَنسى قول نبيه صلي الله عليه وسلم: “أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْؤُولَةٌ عَنْهُمْ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْهُ، أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ” متفق عليه. فقوامة الرجل يظنها بعض أشباه الرجال أنها تشريفٌ له، وأنه ” السيد ” الذي يُسمَع له ويطاع في بيته، ويتحكم فيه، وفي المقيمين معه وتحت رعايته من زوجة وأولاد كيفما شاء، دون أن يراعي شرع الله وأحكامه، وليس الأمر كذلك قطعًا، فالقوامة مسؤولية وتكليف لا يقدر عليها إلا الرجل الحقيقي، وإن كان ضعيف البنية فقيرَ المال، فالعبرة بالرجولة والمسؤولية، وليست بالسيطرة والقوة الجسدية.

من موقع الألوكة