قناديل الصلاة

   قناديل الصلاة

عالم الصلاة هو عالم مناجاة العبد ربه، حديثٌ أعذبُ من الماء الزلال على الظمأ، وألذ من الشهد المسال، حديث المحب لربه: ” يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ” المائدة: 54، فمن جرَّب عرف ومَن سار وصل؛ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ، صَلَّى وكان يقول: يَا بِلَالُ، أَقِمِ الصَّلَاةَ أَرِحْنَا بِهَا. فيها الراحة والسكينة فيها الطمأنينة، أمرنا ربنا بها مناديًا عباده: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ” البقرة: 153، فمن أراد العون والتوفيق ففي الصلاة، ففيها أقرب ما يكون العبد من ربه، يناجيه خاليًا، فكيف إذا فاضت عيناه، وكان ممن يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ، يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ. الصلاة من أجَلِّ الطاعات وأعظم القربات بعد توحيد الله، جُعلت قرة عين المصطفى صلى الله عليه وسلم، وكانت آخر ما وصَّى به قبل موته، فقال: الصَّلَاةَ، وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ، وقال: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ، وجعل الله لها مواقيت، فلا تتقدم ولا تتأخر، فأقيموها في أوقاتها تُفلحوا، وفي حياتكم تسعدوا، ولا تُضيعوها فيقع عليكم قول ربكم: ” فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ” مريم: 59.

فهي أو ما يسأل عنه العبد يوم القيامة، وهي عمود الدين، وتركها كفر، وإقامتها تنهى عن الفحشاء والمنكر، فأُمرنا بالمحافظة عليها، فهي سر سعادة البيت المسلم وخيره، فأمرنا النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ” اجعلوا في بيوتكم من صلاتكم ولا تتخذوها قبورًا “. فشُرعت النوافل في البيوت ليصيبها من خير وبركة الصلاة، ولكيلا تكون كالقبور مهجورة. يغدو أحدنا إلى المسجد وفي نفسه من الضيق والهم ما الله به عليم، وينصرف منها وقد بدت أسارير وجهه، وانشرح صدره، واطمأنَّت نفسه، ليستقبل أمور حياته بكل تفاؤل وعزيمة متوكلًا على الله. وقَّتَها العليم الحكيم عالم السر وأخفى، فأنت تستقبل يومك أيها المسلم بصلاة تعطيك حيوية ونشاطًا، وعند انتصاف النهار وقد أعياك العمل هناك صلاةٌ أُخرى لترتاح من أتعابك، وتعيد لك بعض نشاطك، وبعد أن تَقِيلَ تستيقظ لصلاة العصر، تمحو النَّصَب الذي أصابك، وتستقبل مساءك بنفسٍ راضيةٍ، وبعد غروب الشمس تصلي صلاةَ المغربِ بها تزود رُوحك بطاقة جديدة، وفي ختام يومك صلاةُ العشاءِ تكون لنفس بردًا ويقينًا، لتنام بعدها على طاعة الرحمن.