هونت الظروف الأخيرة وقرارات وزارة التربية، القاضية في كل مرة بإرجاء الدخول المدرسي في كل ربوع الوطن ( تحديد الموعد النهائي بأواخر هذا الشهر)، من الضغط الكبير الذي فرض على الأميار بالعاصمة للتعجيل بتجسيد جل المشاريع الموعود بها خلال الموسم الدراسي وتعرضت للتعطيل بسبب كورونا، في مقابل تزايد درجة المسؤولية على المعلمين والاسرة التربوية التي ستعمل على ادماج التلاميذ مجددا في النظام التعليمي بعد اشهر من الجمود الذهني والركود البدني وغياب آليات المراجعة والدراسة عن بعد في ظل عجز كثير من أولياء التلاميذ عن مواكبة امتيازات الوسائط الالكترونية، إما لعدم الخوض فيها بالشكل المطلوب أو لضعف تدفق الأنترنت وصعوبة تأمين متطلبات أكثر من تلميذ واحد ينتمون لنفس العائلة في ذات الوقت، مع ضرورة تأدية دور الطبيب النفسي الموكل إليه مهمة اضافية معقدة تتمثل في احتواء البراءة التي عايشت خطر كورونا وتخشى التعرض له في كل خطوة يخطونها.
سباقات ضد الوقت لتسليم المشاريع التربوية بالعاصمة
رفعت جل بلديات العاصمة بمختلف المقاطعات الادارية جهودها لإتمام اشغال انجاز المشاريع التربوية المعلقة إلى أقصاها، مستنفرة كل امكانياتها المتوفرة لتدارك التأخر ومستفيدة من التأجيلات التي طرأت على مواعيد إعلان الدخول المدرسي بسبب مخاوف اتساع ظاهرة انتشار وباء كورونا في أوساط التلاميذ، حيث تعهدت بتسليم المشاريع قبل الدخول المدرسي، الامر الذي جعل جل البلديات تدخل مضمار السباق ضد الوقت لانهاءها في الوقت المحدد، فبلدية اولاد الشبل تسابق الزمن لانهاء اشغال تهيئة ثماني ابتدائيات وإنجاز مطعمين بكل من مدرسة بحي النخيل وبن عتو ببابا علي والتي تدعمت بـ 6 أقسام إضافية، كما تعجل بلدية الدار البيضاء، بتهيئة مدرسة “عبد الحميد بن باديس”، شأنها في ذلك شأن مدرسة “عطوشي” بالمدينة الجديدة لسيدي عبد الله، كما تحرص بلدية أولاد فايت باتمام اشغال انجاز 3 مجمعات مدرسية ب 12 قسما وهي مجمع مدرسي بحي 2400 مسكن، مجمعين مدرسيين بحي سمروني وهي مجمعات خاصة بالطور الابتدائي، اما عين البنيان فهي على قدم وساق لتجسيد مشروع مطعم مدرسي مركزي بمدرسة “مصطفى بن بولعيد” سيوفر وجبات ساخنة لـ600 تلميذ من مدارس “طارق بن زياد”، “مصطفى بن بولعيد” و”الميناء الصغير”، ليحذو حذو مدرسة “معمر الزواقي” التي ستدعم بمشروع مطعم مدرسي وجدار إحاطة.
وتعمل بلدية الرويبة والرغاية على تعزيز مدارسها باخرى جديدة لتفادي الاكتظاظ مستفيدة من 10 هياكل تربوية، كما تستفيد الاحياء الجديدة للمقاطعة الادارية من 4 مجمعات مدرسية ومتوسطة وثانوية بحي 1540 مسكن بالصواشات وثلاثة مجمعات مدرسية ومتوسطة بحي الكروش “عدل” بالرغاية، في حين تواصل بلدية بئر خادم في تأهيل ابتدائياتها الـ 15 ومنها ابتدائيات ميهوبي محمد، عمريش أحمد، الإخوة بالة، الإخوة مرباح وعلوان مقران، ابتدائية محمد خير الدين، شأنها في ذلك شأن بلدية السحاولة التي تسعى إلى تهيئة 19 مؤسسة تربوية.
كما وضعت بلدية برج الكيفان مبلغ 24 مليار سنتيم لإنجاز مجمعين مدرسيين الأول بحي درقانة والثاني بحي قايدي، وتسابق الزمن للتخلّص من المدارس التي هي عبارة عن شاليهات وتعويضها بأخرى تخضع للمقاييس السليمة، لتمكين التلاميذ من تلقي تحصيلهم العلمي في ظروف عادية ودون معاناة أو مشاكل مرتبطة بعدم سلامة هذه البنايات الجاهزة مع مرور الوقت، فيما تستفيد بلدية السويدانية من مدرستين ابتدائيتين على مستوى حيي 500 مسكن و360 مسكن ترقوي عمومي، وبلدية بوزريعة تستفيد من ثانوية ومجمعين مدرسيين.
وتعمل بلدية باب الواد على تسليم مشاريعها التي هي في طور الانجاز قبل الدخول المدرسي الذي لم يعد يفصلنا عنه إلا أيام قليلة بعد أن عملت على تهيئة مدارسها على غرار مدرسة الشبيبة، ومدرسة الفارابي، ومدرسة أم حبيبة، ومدرسة العقيد لطفي، ومدرسة محمد بوضياف، ومدرسة أبي ذر الغفاري، كما تسعى بلدية واد قريش هي الاخرى إلى انهاء مشروعها المتعلق بإنجاز مجمع مدرسي تعويضي بمدرسة فريدة سحنون، شانها في ذلك شان بلدية بولوعين الملزمة باتمام أشغال تهيئة مطعم مدرسي فجر 2 مع إنجاز اشغال توسعة 3 أقسام بمدرسة مروان بوعلام قبل الموعد المحدد.
أما في المقاطعة الادارية لبوزريعة فقد عملت مصالحها على إعادة تهيئة مطعم مدرسي بالمدرسة الابتدائية سيدي يوسف وإعادة تهيئة المطعم المدرسي بحي غميدري وسعت إلى إنجاز وتدعيم الطريق بمزرعة بن حدادي قرب المدرسة الابتدائية، كما استفادت بلدية بني مسوس من مشروع إنجاز مطعم مدرسي بالمدرسة الابتدائية أول نوفمبر.
وتعجل ببلدية الحمامات بانجاز مطعم مدرسي بمدرسة شاطئ “الفيروز”، ومطعم آخر بمدرسة “الياسمين “ومدرسة “باينام”، ومطعم مدرسي بابتدائية اأول نوفمبر ومؤسسة “بوكيكاز”.كما تعمل بلدية الشراقة على انجاز مطعم مدرسي بمدرسة “فاطمة الزهراء مليل”.
وعموما ينتظر أن تتسلم البلديات في هذا الوقت الحاسم كوكبة من المشاريع التربوية سيما منها تلك المتعلقة بالطور الابتدائي بالاحياء السكنية الجديدة والتي التحق بها اصحابها دون مرافق تربوية وهو ما شكل عائقا كبيرا أمام العائلات التي وجدت نفسها مضطرة لغلق شققها والعودة إلى مساكنها السابقة أن وجدت.
إخضاع المؤسسات التربوية للتعقيم والمواظبة الدورية على حملات التنظيف
أخضعت البلديات مؤسساتها التربوية إلى عمليات تنظيف معمقة مست المحيط الخارجي والداخلي وحرصت على انشاء مساحات خضراء وفضاءات مناسبة للعب، وهذا من أجل توفير محيط صحي ومحفز للتلاميذ والطاقم التربوي، واتخاذ احتياطات تجنب كل مخاطر الأوبئة وبعض الأمراض المعدية، استعدادا للدخول المدرسي المقبل، وامتثالا للاوامر التي اطلقها الولاة المنتدبون لجميع الاميار ومديري المؤسسات التعليمية، لإعادة الاعتبار لها ولمختلف الهياكل التابعة لها، من خلال برمجة أشغال تعقيم وتنظيف دورية تكون بمثابة تقليد سنوي تحمي التلاميذ من أي عدوى مرضية، لا سيما وأن الدخول المدرسي لهذا الموسم سيكون وفق تنظيم جديد وبروتوكول صحي دقيق يسمح بضمان صحة التلاميذ، و يطمئن اوليائهم بالرعاية التي سيستفيد منها ابناؤهم ضمن هذا الاطار الذي جعلته السلطات العليا شرطا اساسيا لاستئناف الدراسة.
الاكتظاظ ونظام المداومة يهددان بنسف جهود الوصاية
لا تقتصر مشاكل الوزارة الوصية على تأمين الهياكل التربوية من عدمها وكذا تهيئتها وتعقيمها تحسبا لتسجيل حالات عدوى بالأوبئة، خاصة ما يعرف بكورونا، بل تتعدى ذلك إلى مشاكل أخرى منها ما يتعلق بالجانب البيداغوجي ومدى إمكانية إنهاء البرنامج في الوقت المحدد نظرا لوجود مشكل الاكتظاظ والذي لم يعرف بعد طريقه إلى الحل باعتماد كثير من المؤسسات على نظام المداومة، وهو النظام الذي تشير جميع المعطيات المتوفرة إلى اعتماده في الفترة القادمة للفرار من مشكل الضغط باعتبار أن القسم الواحد لن يتحمل أكثر من نصف طاقة استيعابه لضمان قاعدة التباعد الجسمي، ولن يسمح بأكثر من 20 تلميذا في وقت لا تزال فيه كثير من الأقسام تضم أكثر من 50 تلميذا، والنظام يقوم على تقليص ساعات الدراسة لضمان تلقي الجميع لدروسهم، ما يهدد ساعات التعليم المطلوبة، خاصة أن معدل ساعات التعليم الطبيعية تقدر بست ساعات في اليوم على الأقل ليصبح ساعتين من الزمن، وبالتالي التأثير على التحصيل العلمي لتلاميذ غادروا مقاعد الدراسة باكرا وسيدخلونها متأخرين، وحرموا طوال الصائفة الماضية من برامج جدية لتنشيط مداركهم وذاكرتهم، الأمر الذي تحول إلى هاجس حقيقي بالنسبة لأولياء التلاميذ الذين طالبوا الوصاية بإيجاد تسوية مستعجلة قبل فتح أبواب المؤسسات التعليمية أمام التلاميذ.
قنابل موقوتة تلغم العودة للدراسة هذا الموسم
تواجه الأسرة التربوية مخاوف مبررة قبيل العودة المدرسية المرتقبة أواخر هذا الشهر رغم البروتوكول الصحي والوقائي المشدد الذي تبنته لضمان دخول جيد وسلس للتلاميذ بعيدا عن الأخطار المرضية وهي العودة التي أكدت السلطات أنها تبقى مرهونة دائما بالمعطيات التي تفرزها رقعة ومسارات انتشار الوباء، فبالإضافة إلى الاكتظاظ الذي لا يزال يشكل نقطة سوداء تعذر حلها رغم كوكبة المشاريع التي حرصت السلطات المحلية والولائية على تجسيدها قبيل الدخول المدرسي، فإن المعلمين ملزمون بمهام أخرى لن يسعفهم الوقت وعدد التلاميذ على تطبيقها مهما حاولوا، إذ يتوجب عليهم التحول إلى أطباء نفسيين لمعالجة تلاميذ انقطعوا عن الدراسة لفترة طويلة وتلقينهم بكثير من الصبر كل ما نسوه مع تنشيط ذاكرتهم التي أصابها الركود بفعل الحجر الصحي البعيد عن برامج التثقيف لبساطة معرفة أغلب الأولياء بالوسائط الإلكترونية وصعوبة تطويعها لفائدة أبنائهم. وفي هذا الموضوع يرى كثيرون أن المعلم أوكلت إليه مهمة استدراك الدروس الضائعة خلال الموسم الماضي للتمكن من التمهيد للبرنامج الجديد وكلها مشاكل معقدة سيضطر للتعامل معها بغية احتواء التلاميذ، أضف إليها أن قاموسهم الجديد دخله خطر مجهري فتاك لا يحسنون التعامل معه ويستلزم منه اتباع الاجراءات الجديدة للحماية منه، ؛ما لا ينبغي تحول الأمر إلى هوس يؤثر على سلامتهم النفسية.
في المقابل ستضطر الأسرة التربوية ككل إلى تأطير الدخول المدرسي ومراقبة التلاميذ عن كثب وسط نقائص بالجملة قد لا تسعفهم إلى تأدية دورهم، خاصة إذا فرض نظام التدريس بالأفواج الذي سيزيد الضغط عليهم، كما ستتضاعف أعمال التعقيم التي ستوكل إلى أعداد محددة في ظل نقص عمال النظافة وآليات الالتزام بالمهمة الجديدة.
روبورتاج: إسراء أ.