قضية المسلمين الأولى في هذا العصر، قضية فلسطين، والقدس رمز القضية الفلسطينية، والأقصى رمز مدينة القدس. أرض فلسطين الأرض التي بارك الله فيها؛ ووصفها بالقداسة؛ موطن الأنبياء ومهد الرسالات. المسجد الأقصى ثاني مسجد وضع في الأرض، وقبلة المسلمين الأولى، وثالث المساجد التي لا تشد الرحال بقصد الصلاة إلا إليها، والصلاة فيه تعدل خمسمائة صلاة فيما سواه، إلا المسجدَ الحرامَ والمسجدَ النبوي، وقد أُسري برسول الله إليه، ثم عرج به إلى السماوات العلى، وصلى فيه إماما بالأنبياء جميعاً.
فمن جرائم اليهود في حق الشعب الفلسطيني الأعزل: أنه عانى الويلات منذ ستين سنة على أيدي اليهود وأعوانهم، من قتل وتعذيب وسجن وترويع وهدم للمساكن ومصادرة لها، ولم يشهد التاريخُ كلُّه تهجيراً جماعياً كما وقع على إخوتنا في فلسطين، ومطاردةَ المجاهدين منهم حتى خارج أرضهم. وتتعرض القدس منذ أن أحتلها اليهود عام سبع وستين إلى مكايد ومؤامرات يراد منها تهويدُ القدس، أي: إزالةُ الوجود العربي والإسلامي منها، وجعلُها خاصة لليهود، ويراد منها – أيضا – هدمُ المسجد الأقصى، وبناءُ المعبد اليهودي مكانه، وقد بدأت سلسلة تهويدِ القدس مع أول يوم لاحتلالها. ونحن نرى اليوم آلاف الوحدات الاستيطانية؛ ليكثر عدد اليهود في القدس، يتوافق ذلك مع التضييق على إخواننا أبناء القدس في منازلهم ودورهم، ولا تسمح السلطات الإسرائيلية بالدخول للمدينة إلا ببطاقة إسرائيلية، أو تصريح مؤقت. وبهذا المخطط يتم تهويد مدينة القدس التي طالما قالوا مرارا وتكرارا أنها العاصمة الأبدية لإسرائيل ولن يتنازلوا عنها مطلقاً. ويصاحب مسلسلَ تهويدِ مدينةِ القدس مسلسلٌ آخر هو: السعيُ في هدم المسجد الأقصى، وإقامةُ المعبد اليهودي على أنقاضه. ومن آخر جرائمهم في تزوير التاريخ، وفي حق المسجد الأقصى، وحق المدينة المقدسة، وفي حق المسلمين جميعا؛ بناء معبد يهودي على بعد أمتار من المسجد الأقصى، مما تقدم، ومن الواقع المشاهد نعرف أن اليهود لا يقبلون أن يتخلوا عن مدينة القدس التي فيها المسجد الأقصى، وهم مصرون أن تكون عاصمة لهم.
الكاتب أحمد صالح