زَارت الريمُ ضَيعتنا هزَّت بالجمالِ مُهجتنا
كنتُ يومهَا كعادتي في الحقل أنا وجدي
نسقي الزَّرع والبهجة بَاديةٌ على الوجوه
نغني أغاني قديمة لرفع المعنويات. للعمل
جدي كعادته يعمل دون كللٍ أو مللٍ.
يوصيني بالأرض خيرًا. فقال هي الحياة
هي النجاة .فبها ومنها ولها نعود ونحيا
هي أمُنا هي سبب بقائنا هي الأصل هي الملاذ
مظاهر التعب باديةٌ على محياه الطاهر
مظاهر السنين القاسية نقشت رسومها
شممت يومها ريح الياسمين. وليس في ضيعتنا
ياسمين. شممت ريحه غير بعيدٍ عنا
أين رائحة التراب. أين نسيم البقر والغنم.؟
أين نسيمًا ظل معنا صار مِنَّا وفينا
فنحن البسطاء. نحن من أرضنا لم نخرج يومًا
أقبلت الريم نحونا تمشي وتتعثر فهي
لم تَعتد أرضنا. فهي كلها حجرٌ وشوك
وكأن القلب يومها ما طار. وكأن العقل
غاب عني ما رجع. قالت بصوتٍ خافتٍ
عِمتُم صباحًا يا أهل الضيعة. هل لي ببعضِ
اللبن؟.اِن أبي يحب اللَّبن وقد أمرني ببعضه
هرع اِليها جدي يجيبها. عندنا ما لذَّ يا بنيتي
سنعطيك ما تشتهي الأنفس وترتضي
قال بنيَّ أحضر لها من بيتنا بعض اللّبن.
قالت سأذهب معك كي آخذ منك الطلب
مشينا والقلب ما عاد ملكي لم يطاوعني
قالت ما اِسمك يا هذا قلتُ لها العاشق
قَالتْ.أعِد ما قُلتَ.قلتُ الصبيّ الولهان سمِّني
قالت أنا غزلان. أسمتني أمي. أما أبي
أسمانِي حنان. نِعمَ الصفات اِجتمعت
فيك يا بنت الكرام. أما أنا سأسميك الريم
ريمٌ زارت ضيعتنا سلبَت القلب والعقل
تركت الروح اِليها تتوق. تركت العقل مسحورًا
غادرت الريم ضيعتنا وبعدها بدأت مِحنتنا
ما عاد يحلو العمل. وكَثر صُراخ جدي
ما عاد يحلو العيش هنا فالرَّيم ما عادت هنا
راحت وأخذت روحنا. غيرت أيامنا
أناجيها وقت الغروب علها تسمع فتجيب
أين أنتِ يا غزلان أليس مَكانُكِ بيننا؟
حزَّت في نفس جدي حالتي فأقبل يومًا
نحوي وقال يا بني نحن لَسنا مثلهم
ولن تقبل غزلانُك عيشنا. هي تنام على الحرير
ونحن الحصير فراشنا
هي تأكل ما لذّ وطاب. ونحن بالخبز واللبن
نقتات وهو غذاؤنا.
دع عنك تلك الأوهام وتعال نسقي أرضنا
نكمل ما قد بدأناه معًا. سيأتي يوم وتفهم قولنا
نهضت ومسحت عبرتي. وذهبت مع جدي
وقلت في نفسي. هل كانت غزلان سترضى
أن تعيش بيننا.. ونحن لا نملك إلا قوتنا…؟؟
ميلس عبد الغني/ البيض