لم يبدِ الآلاف من المواطنين عبر مدينة قسنطينة والمقاطعة الإدارية علي منجلي، وسط ثنائية الارتفاع المخيف لحالات الإصابة المؤكدة بولاية قسنطينة وحلول شهر رمضان، تأثرا كبيرا بالأمر، فقد نزلوا إلى الشوارع والأزقة بأعداد كبيرة للتسوق وسحب أجورهم من مراكز البريد والبنوك في الازدحام والطوابير المتقاربة، غير مكترثين بإجراءات السلامة وتدابير الوقاية من الإصابة بالوباء.
ولاحظنا عبر العديد من النقاط التي اطلعنا عليها، في وقت جاء في الحصيلة اليومية أن الولاية أحصت سبع إصابات جديدة، ودعت فيه لجنة الصحة وخلية الأزمة على مستوى المجلس الشعبي الولائي إلى تقديم حظر التجول إلى الثالثة مساء، حيث انطلقنا في جولة من حي عبد السلام دقسي بالجهة الشرقية من المدينة، أين كان مركز البريد أول محطة توقفنا عندها وبمجرد انعطافنا لدخول فضاء الركن الموجود خلف مركز التسوق، قابلنا مئات المواطنين الموزعين في طابورين طويلين، أحدهما للرجال والآخر للنساء، امتدا لعشرات الأمتار وانتهيا إلى أعلى سلالم بوابة مقر البريد، حيث لم نلاحظ في المكان إلا عددا قليلا من الأشخاص الذين يضعون كمامات على وجوههم للوقاية من الإصابة، كما لم يترك المنتظرون بين الشخص والآخر إلا بضعة عشرات من السنتيمترات، بينما وقف شرطيان أمام الباب الموارب للمركز من أجل الحرص على النظام في المكان والسماح لعدد محدود فقط بالدخول.
ويئس مواطنون آخرون من الوصول إلى شبابيك مركز البريد، فاختاروا الجلوس بعيدا عن الطابور وانتظار انفراج الوضع بعد ساعة الزوال، حيث تحدثنا إلى شيخ كان يجلس مقابل المركز وأخبرنا أنه وصل متأخرا وتيقن أنه لن يدخل لسحب معاش تقاعده إلا بعد ساعات، لذلك فقد اختار الابتعاد لحماية نفسه، كما أضاف المتحدث أنه يقطن بالعمارات القريبة من مركز البريد، معبرا عن حيرته من المواطنين الذين يتوافدون جميعا إلى نفس المكان متسببين في الطوابير والازدحام، في حين يرفضون التوجه إلى مراكز بريد أخرى قريبة من مقرات سكناهم.
وأحاطت بمركز البريد حركية سيارات مرتفعة وحركة للمارة أيضا، بالإضافة إلى سيارات الناقلين غير الشرعيين التي تعمل على الخط المؤدي إلى المدينة الجديدة علي منجلي، وكان أصحابها يهتفون بأسماء وجهاتهم، بينما لم نتحرك كثيرا مع الازدحام المروري الذي ميز نقطة الدوران المسماة “برازيليا”، حتى قابلنا تجمع كبير للبشر حول طاولات التجارة الفوضوية للخضر والفواكه، كما أن بعض الباعة قد وضعوا طاولاتهم في جزء من طريق المركبات، متسببين في تفاقم الازدحام، بينما لم نلاحظ إلا عددا قليلا جدا من الباعة الذين يضعون كمامات، فضلا عن المواطنين الذين احتشدوا على مداخل محلات بيع المواد الغذائية واللحوم والأواني.
واشتكى سكان من حي الدقسي من التجارة الفوضوية التي تحاصرهم خلال أيام الوباء، خصوصا خلال اليومين الماضيين، حيث عادت طاولات التجارة بقوة بحسبهم، كما أشاروا إلى أن المواطنين لا يبدون اكتراثا بوضعية ولاية قسنطينة التي وصفوها بالخطيرة، بعد تسجيل 33 حالة إصابة مؤكدة في يومين فقط، في وقت لاحظنا فيه اكتظاظا كبيرا بمحيط السوق المغطاة عبد المجيد مساعيد، بالإضافة إلى أن بوابته الكبيرة كانت مفتوحة ومكتظة بطاولات بيع الأواني ومجموعات من المواطنين يقتنون بضائع مختلفة دون مبالاة بتدابير السلامة أو التباعد.
وحمّل سكان الحي الذين تحدثنا إليهم مسؤولية الأمر للسلطات، حيث ذكروا لنا أنهم طالبوا عدة جهات بغلق السوق منذ بداية ظهور الوباء، لكن لم تتم الاستجابة لمطلبهم.
أيوب.ح