شرع شابان من بلدية الخروب في قسنطينة، في تصنيع ممرات للتعقيم، في أول مبادرة من نوعها على المستوى الوطني وبمواد محلية مئة بالمئة، ستشمل في البداية المستشفيات في مقدمتها المستشفى الجامعي الحكيم ابن باديس، أين سيتبرعون بأربعة ممرات سيتم وضعها اليومين المقبلين، على أن تشمل العملية لاحقا عديد المستشفيات في الولاية وبعض الولايات المجاورة.
وحسب ما أكده صاحبا المشروع، فإن الفكرة التي انتشرت على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الإجتماعي، لاقت استحسان الكثيرين تحديدا أصحاب المصانع والشركات الخاصة الذين تقدموا بطلب اقتناء عدد من هذه المنتجات لضمان تعقيم عمالهم وموظفيهم، غير أن المبادرة في البداية وحسب أصحابها لن تخرج عن طابعها التطوعي الخيري خلال هذه الفترة الحرجة، حيث سيتم خلالها إنجاز ممرات للإدارات الحكومية على غرار الشرطة والدرك والحماية المدنية في قسنطينة وكذا المساجد وبشكل خاص المستشفيات، مع إمكانية تحويلها لمشروع تجاري مستقبلا.
وقال الشاب بلال فوغالي مهندس في الإلكترونيك، إن ما يقدمه عمال قطاع الصحة في هذه الفترة كان وراء فكرة صناعة الممرات، خاصة وأن منهم من ضحى بحياته خدمة للوطن والمواطنين وفكر رفقة صديقه وليد بلمقر، في كيفية استغلال تخصصهما للمساهمة والتطوع في هذا الظرف الخطير ومنها جاءت فكرة ممرات تعقيم مشابهة لتلك التي تستعمل في الصين وتركيا، لتوجيهها للمستشفيات للمساهمة في حماية الأطقم الطبية وشبه الطبية التي تقدم تضحيات جسام في هذه الفترة الحساسة ومن هنا كانت الانطلاقة الفعلية.
وأضاف محدثنا، أن الفكرة تعود لأستاذهما من برج بوعريريج الذي كان سباقا في تصنيع نموذج مصغر من ممر تعقيم، حيث وعند اقتراح الفكرة عليه رحب بها ووجه لهما الكثير من النصائح والمساعدات خاصة من الجانب التقني وقد استغرق تصنيع أول نموذج ثلاثة أيام، بين التصميم على الورق واقتناء قطع الغيار وتصنيع الممر الذي كان على مستوى ورشة وليد بلمقر ببلدية الخروب، حيث كان العائق الوحيد غلق محلات بيع قطع الغيار بسبب حالة الحجر المفروضة على مختلف الولايات، حيث اضطروا للسفر إلى العاصمة لاقتناء بعض التجهيزات بأموالهم الخاصة، وكانت وتيرة العمل مكثفة طيلة ثلاثة أيام عرفت مشاركة العديد من المتطوعين على غرار مختصين في الترصيص والتلحيم.
وكانت النتيجة في الختام ممر تعقيم بمواد محلية يضاهي ما يتم تصنيعه في كبرى الدول وذلك بشهادة عديد المختصين، من بينهم الشركة الوطنية المختصة في صناعة مواد التعقيم التي زار مسؤولوها الورشة بعد انتشار الفيديو الخاص بالمشروع عبر الفايسبوك، حيث أبدوا إعجابهم بالفكرة كما اقترحوا المساهمة في تقديم الأجهزة الخاصة بضغط الماء والمعقم والهواء لإنتاج البخار الذي يستخدم في تعقيم الأشخاص.
وقال بلال فوغالي إنهم حاليا تمكنوا من تصنيع أربعة ممرات تعقيم سيتم التبرع بها للمستشفى الجامعي الحكيم إبن باديس في قسنطينة، لتشمل الفكرة باقي المستشفيات في الولاية وبعض الولايات المجاورة بشكل مجاني، حيث سيشرع في تنصيب تلك الخاصة بالمستشفى الجامعي بعد موافقة المدير على الفكرة، لتشمل بعدها كل مقرات الحماية المدنية في الولاية بطلب من المديرية الولائية.
وأضاف محدثنا أن هذه الممرات تعمل عن بعد بواسطة جهاز ذكي يمكنه استشعار دخول الإنسان داخل الممر للقيام بعملية التعقيم آليا، ويعمل الممر بواسطة الطاقة الكهربائية بضغط الماء الممزوج بمواد التعقيم وكذا الهواء ليتحول إلى بخار يصل مختلف مناطق الجسم لضمان التعقيم، وقد تم تحسين النماذج الثلاثة الأخيرة مقارنة بالنموذج الأول الذي كلفهم كثيرا، بسبب تعقد عملية صنعه التي استخدموا فيها معدات وقطع غيار كثيرة ومعقدة وباهضة الثمن، ليتم تحسين النماذج الأخرى، حيث تمتاز بكونها ممرات ذكية تعمل بوسائل أقل تكلفة وبفعالية كبيرة.
وقال بلال إن عديد المؤسسات والشركات الخاصة تقدمت بطلبات لاقتناء عدد من الممرات، لكنهم حاليا وكبداية سيركزون عملهم على تصنيع ممرات مجانية للمستشفيات والمساجد والإدارات، إلى غاية تجاوز فترة الوباء ليتم بعدها التوجه إلى التصنيع التجاري لهذه الممرات، حيث من المقرر رفع القدرة الإنتاجية اليومية لتصل إلى أربعة ممرات يوميا، بعدما أبدى عدد من الشباب تطوعهم للعمل يوميا داخل الورشة، مع إمكانية منح نماذج العمل لراغبين في تصنيع هذه المنتجات لتعميم الفائدة على كل الولايات.
أيوب.ح