تفتقر قرية “صمادية” بأولاد موسى غرب بومرداس إلى أدنى متطلبات العيش الكريم، حيث يتجرع سكانها معاناة كبيرة نتيجة ظروف الحياة البدائية التي يعيشونها منذ سنوات في ظل إقصائهم من جملة المشاريع التنموية، ما جعلها تحت وطأة التخلف تنمويا.
“الموعد اليومي” تنقلت إلى قرية “صمادية” لنقل معاناة سكانها الذين استقبلونا بحفاوة كبيرة، خاصة لدى معرفتهم أننا من الصحافة، أين أكدوا لنا أن قريتهم تفتقر للمشاريع التي من شأنها أن تخرجهم من التخلف التنموي الذي يتخبطون فيه منذ سنوات عدة، فبالرغم من سلسلة الشكاوى المودعة لدى السلطات المعنية من أجل تغيير واقعهم المعيشي، غير أنه لا حياة لمن تنادي، لذلك يأمل هؤلاء عن طريق هذا المنبر الحر أن تلتفت السلطات المحلية إليهم في القريب العاجل وتبرمج مشاريع تنموية تحسن وضعيتهم المعيشية.
طرقات مهترئة تعيق تنقلات السكان
أول مشكل يعيق يوميات قاطني قرية “صمادية” بأولاد موسى غرب بومرداس، هو اهتراء شبكة الطرقات التي باتت تشكل هاجسا يوميا على مدار السنة، إذ يواجه السكان متاعب يومية تتفاقم عند تساقط أولى قطرات الأمطار التي تحولها إلى برك للمياه والأوحال والطين، التي يصعب على الراجلين وأصحاب السيارات اجتيازها، حيث يكابدون مشقة التنقل فيها مرغمين وفي الصيف يعانون من تطاير الغبار في كل مكان، الأمر الذي يجعلهم يصابون بأمراض الحساسية والربو، لكن حصة الأسد من المعاناة يعيشها أطفال المدارس الذين يجبرون على السير عبر هذه الطرقات المهترئة يوميا صباحا ومساء رغم صعوبة اجتيازها، الأمر الذي يجعلهم يصلون إلى مدارسهم متأخرين ومنهكين.
لذلك يأمل هؤلاء أن تعجل السلطات في التدخل وتبرمج مشاريع تهيئة طرقات القرية حتى تخرجهم من العزلة المفروضة عليهم.
غياب قنوات الصرف الصحي ينذر بكارثة بيئية كبيرة
تطرق سكان القرية إلى مشكلة أخرى نغصت عليهم معيشتهم وهي افتقارها إلى شبكة الصرف الصحي التي من شأنها أن ترفع الغبن عنهم، أين تتجمع المياه القذرة على شكل برك متعفنة وأخرى تتخذ مسلكا عبر طرقات القرية المهترئة بسبب عدم ربط هذه الأخيرة بشبكة الصرف الصحي، ما ينجم عنها عدة أمراض على غرار الحساسية والربو، خاصة في فصل الصّيف المعروف بحرارته الشديدة والانتشار الواسع للأوبئة والأمراض المعدية، بسبب تلوث المحيط، بالإضافة إلى انتشار الحشرات الضارة خاصة البعوض والذباب الذي يغزو منازل السكان.
وقد أكد السكان أنهم على الرغم من الأموال التي ينفقونها لاقتناء المبيدات المختلفة المضادة للحشرات، إلا أن معاناتهم تستمر، هذا إلى جانب معاناتهم من الحشرات ومن مشكل انبعاث الروائح الكريهة من كل موقع والتي أضرت بالصغار والكبار، الأمر الذي جعلهم يترددون بكثرة على الأطباء والمستشفيات نتيجة إصابتهم بأمراض مزمنة، متسائلين عن الأسباب الحقيقية من وراء عدم ربطهم بشبكة الصرف الصحي بالرغم من شكاويهم في العديد من المرات.
قارورات البوتان أفرغت جيوبهم
مشكلة أخرى لا تقل أهمية عن سابقتها و التي زادت من سوء وضعية سكان قرية “صمادية” بأولاد موسى غرب بومرداس، والمتمثلة في حرمانهم من الغاز الطبيعي، وهي مشكلة قديمة يعاد طرحها في كل مرة، بحيث يطالبون بربط قريتهم بالغاز الطبيعي على غرار القرى والبلديات الأخرى المجاورة وتزويدهم بهذه المادة الحيوية، حيث أن انعدام الغاز يبقى الهاجس الأكبر للسكان في ظل معاناتهم مع قارورة غاز البوتان التي أرهقت كاهلهم وأفرغت جيوبهم في ظل الأسعار المرتفعة لها خاصة في فصل الشتاء نظرا لتميزه ببرودة شديدة، ما يتطلب الاستعمال الكبير لهذه الطاقة، حيث تباع بـ 450 دج للقارورة الواحدة، الأمر الذي جعل العديد من العائلات تلجأ إلى اتباع الطرق التقليدية، وهي جلب الحطب هروبا من المصاريف التي هم في غنى عنها.
وعليه يوجه السكان نداء عن طريق جريدتنا إلى المسؤول الأول عن البلدية، للتحرك العاجل من أجل ربطهم بشبكة الغاز الطبيعي حتى تنهي يومياتهم مع الجري وراء قارورات البوتان التي أفرغت جيوبهم في ظل أسعارها المرتفعة.
البطالة نخرت أجساد الشباب في غياب فرص العمل
تفاقمت معاناة شباب قرية “صمادية” مع الواقع المرير، نتيجة الفقر المتفشي في أوساطهم، الناجم عن البطالة الخانقة التي تلازم يومياتهم، بسبب انعدام مشاريع تنموية وفرص عمل أو هياكل قاعدية تنتشلهم من الضياع ومختلف الآفات الاجتماعية التي تتربص بهم، بسبب الفراغ القاتل الذي يتخبطون فيه، علما أن أغلبهم خريجو جامعات ومتحصلون على شهادات في مختلف الاختصاصات، غير أنهم لا يزالون بطالين في غياب فرص العمل حتى في عقود ما قبل التشغيل التي أكدوا أنها تمنح لأصحاب “المعارف”، الأمر الذي صعب عليهم حياتهم وجعل العديد منهم يفكرون في “الحرقة” هروبا من الفراغ القاتل والممل..
…. وغياب تام للمرافق الرياضية
والترفيهية
كما أشار الشباب إلى انعدام المرافق الشبانية والرياضية وأبسط وسائل الترفيه واللعب والتثقيف لممارسة نشاطاتهم التي يرغبون فيها، حيث يقضون معظم أوقاتهم في المقاهي، كما يتخذ البعض الآخر من حواف الطرقات ملاذا لهم، وأمام هذه المعاناة اليومية، يطالبون السلطات المحلية بإدراج مشاريع تنموية لاستحداث مناصب شغل في قراهم أو البلدية ككل من أجل انتشالهم من شبح البطالة، مؤكدين في السياق ذاته أن قريتهم تغيب فيها كل أشكال المرافق الرياضية والترفيهية، فلا وجود لملعب رياضي ولا حتى قاعة متعددة الرياضات التي من شأنها أن تفرغ ما في جعبتهم من نشاط، الأمر الذي أدى بالشباب إلى اتباع الآفات الاجتماعية الخطيرة هروبا من الحياة القاسية في قريتهم والبعض الآخر يتنقلون بإمكانياتهم المحدودة إلى الملاعب الجوارية المجاورة من أجل نسيان هموم الحياة.
قاعة العلاج هيكل بدون روح
كما يشتكي السكان من انعدام التغطية الصحية ومطلب إعادة تجهيز المستوصف الموجود بالقرية الذي يعاني نقائص عديدة
وفي مقدمتها نقص الأطباء، بل يوجد مساعد شبه طبي للحالات الخفيفة والحقن، حيث أضحى الأمر يثير حفيظتهم واستياءهم جراء ما يتكبدون من ويلات المعاناة والتنقل نحو مستوصفات أخرى بالقرى المجاورة ومصلحة الاستعجالات بوسط مدينة أولاد موسى.
كما أكد سكان القرية بأن انعدام مصلحة الأم والطفل أضحى ينعكس سلبا على حياة نسائهم وأبنائهم على حد سواء، بسبب ما قد يتعرضون له من مخاطر محدقة، مطالبين المسؤولين على قطاع الصحة ببومرداس بضرورة دعم قاعة العلاج بقابلة لتفادي وقوع كوارث صحية لنسائهم وأولادهم، وعدم استجابة السلطات لهذا المطلب أثار حفيظتهم واستياءهم من الوضع المزري الذي يعيشونه رغم عديد الشكاوى المقدمة إلى المصالح البلدية والولائية ومديرية الصحة.
غياب الإنارة العمومية يغرق القرية في الظلام الدامس
كما اشتكى السكان من غياب الإنارة العمومية، مبدين استياءهم وتذمرهم الشديدين إزاء المعاناة التي يعيشونها بالقرية يوميا جراء غياب هذه الأخيرة عن منطقتهم، حيث بات قاطنو القرية لا يغادرون منازلهم خاصة في الفترات المسائية بسبب الظلام الدامس الذي تعرفه القرية، تخوفا من الاعتداءات والسرقة التي باتت تهددهم من قبل المنحرفين خاصة في ظل انعدام الأمن وانتشار الآفات الاجتماعية والسرقة التي يتعرضون لها، والتي باتت تهدد السكان وممتلكاتهم خاصة ليلا. وأمام هذه الأوضاع، فإنهم يطالبون السلطات المعنية بضرورة التدخل العاجل في أقرب الآجال من أجل وضع حد لهذه المعاناة، خاصة وأنهم يعيشون عزلة حقيقية في القرية جراء انعدام الإنارة، آملين ضرورة تسجيل مشاريع لتوفيرها بالقرية قصد تفادي المشاكل الناجمة عن الظلام الدامس .
السلطات المعنية مطالبة بتدارك نقائص القرية
وقصد فك العزلة عن قرية “صمادية” بأولاد موسى غرب بومرداس، يطالب هؤلاء الجهات المعنية وعلى رأسها رئيس المجلس الشعبي البلدي ووالي ولاية بومرداس السيد “يحيى يحياتن” بضرورة التدخل العاجل وتخصيص مشاريع تنموية متنوعة لتدارك العجز بدءا بتعبيد الطرقات، وربط منازلهم بشبكة الصرف الصحي
والغاز الطبيعي، إلى جانب وضع مخطط لها وجعلها ضمن اهتماماتهم لتستفيد من البرامج المختلفة لدفع عجلة التنمية بها من أجل إخراجهم من دائرة البؤس والحرمان التي يعيشونها منذ سنوات عدة..
روبورتاج: أيمن. ف