الجزائر- شكلت التصريحات والتصريحات المضادة التي أصبح يتبناها بعض الوزراء في الحكومة والوزراء السابقون من حين لآخر والتي حملت في الكثير من المرات انتقادات لبعضهم البعض، علامات استفهام كبيرة حول مبدأ التحفظ الواجب الالتزام به مخافة أن يساء فهمهم إو توضع تصريحاتهم في غير سياقها الصحيح، وبالتالي حدوث شرخ واضح في أداءات السياسة العامة للحكومة خاصة في هذا الظرف الحساس الذي تمر به الجزائر، موازاة
مع دعوات اليأس والإحباط وإذكاء الفتن بهدف إعطاء صورة قاتمة عن مستقبل البلد، تلك السياسة التي أصبحت شعار المتربصين بالأمن والاستقرار.
وجاءت تصريحات وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريط هذه الأيام في هذا الاتجاه حينما ردت بطريقة غير مباشرة على رئيس المجلس الإسلامي الاعلى والوزير الاسبق للشؤون الدينية والأوقاف بوعبد الله غلام الله الذي أطلق العنان لتحليلاته السياسية حينما فندت ما قاله بشأن المدرسة الجزائرية التي وصفها بالمنكوبة منذ التسعينات، وقالت بأن تصريحاته مسيئة وغير صحيحة في وقت كان عليها أن لا تعلق مخافة أن يساء فهمها وتعطي انطباعا سياسيا معينا.
ولم تكن هذه التصريحات والتصريحات المضادة الأولى من نوعها بل سبقتها الكثير من التصريحات على غرار تصريحات طاهر حجار وزير التعليم العالي والبحث العلمي في حق وزيرة التربية الوطنية التي انتقد قطاعها بطريقة غير مباشرة في مشروع تعويض اللغة العربية باللغة الفرنسية في تدريس المواد العلمية، حينما قال بأن المشكل لا يكمن في اللغة في حد ذاتها وإنما في المقاربة المعتمدة في التدريس منتقدا بذلك خطوتها الإصلاحية.
وزير السياحة عبد الوهاب نوري كان له نصيب هو الاخر من هذه التصريحات والتصريحات المضادة مع الدكتور وزير السياحة السابق عمار غول بشأن ما يعرف بموضوع المحلات التي تم توزيعها بطريقة غير قانونية في حظيرة دنيا بارك بالعاصمة، والتي أسيل عليها الكثير من الحبر واللغط دون فائدة ما جعل الوزير الاول عبد المالك سلال يتدخل شخصيا ويصوب الأمور ويضع حدا للتصريحات والتصريحات المضادة التي أصبحت السمة الطاغية خاصة على المشهد السياسي في الجزائر.
ويؤكد الدكتور بن شريط عبد الرحمان المختص في الفلسفة السياسية بأن التصريحات والتصريحات المضادة تنم على وجود خلل في التنسيق ومعرفة دور كل وزير في الحكومة، مشددا على ضرورة أن لا يخلط الوزراء والمسؤولون عندنا بين حرية التعبير والتصريحات الرسمية والهامشية غير الدقيقة، سيما التصريحات في الكواليس التي تقدم للإعلام.
وأوضح بن شريط عبد الرحمان بأن التصريحات والتصريحات المضادة التي يتبناها بعض الوزراء والمسؤولين قد تؤدي إلى سوء فهم من طرف جهات قد تعطي انطباعا عاما بوجود خلل في هرم الحكومة خاصة في ظل غياب الإعلام الرسمي الذي أصبح لا يلعب دوره كما ينبغي.
كما أوضح المتحدث بأنه يتعين على السلطات المعنية إيلاء إهمية قصوى للإعلام الرسمي بشكل استعجالي كمنبر قائم بذاته باعتبار أن الوزراء في مستويات مسؤولياتهم لا يمكن أن نقول إن ما يدلون به من تصريحات هي مجرد تصريحات شخصية ليس إلا.
وأشار المتحدث بأنه على الوزراء أن ينتبهوا جيدا وألاّ يدلوا بتصريحات لا تنسجم في السياق العام وتوجهات الحكومة وبالتالي رئيس الوزراء مطالب بالتدخل لدى الوزراء بهدف التقليل من تصريحاتهم.
وشدد المتحدث بأنه ضروري جدا أن يتم تنبيه الوزراء دوريا لإفهامهم بأنهم لا يمثلون أنفسهم باعتبار أن الأمر يتعلق بهيبة الدولة والحكومة وبالتالي على التصريحات والتصريحات المضادة أن تتوقف لتعزيز مفهوم الاحترافية والعمل المتناسق بين أعضاء الطاقم الحكومي.