قدور شاهد المهتم بالبحث في تاريخ الجزائر المعاصر لـ “الموعد اليومي”: “التاريخ يكتبه المنتصر”… “لابد من إدخال الوسائط المتعددة في تدريس مادة التاريخ”

elmaouid

يرى المهتم بالبحث التاريخي، الأستاذ قدور شاهد في هذا الحوار، أن واقع تاريخ الجزائر المعاصر لا يختلف كثيرا سواء قبل الاستقلال أو بعده، مرجعا السبب إلى توارث الذاتية والتزييف في كتابة التاريخ عن فرنسا

الاستعمارية.

وعرج المتحدث على إشكالية كتابة تاريخ الجزائر الذي نسبه إلى المنتصر. كما تساءل “شاهد” عن حاجتنا إلى صياغة تاريخ وطني قومي جديد أو على الأقل البحث عمن يفعل ذلك.

  

* بداية باعتبارك مهتما بالبحث في مجال تاريخ الجزائر المعاصر، كيف هي حالة هذا الأخير؟

** واقع تاريخ الجزائر المعاصر لا يختلف كثيرا سواء قبل الاستقلال أو بعده، لأننا للأسف الشديد ورثنا من فرنسا الذاتية والتزييف في كتابة التاريخ، لأن أساس التاريخ يجب أن يكتب بموضوعية أو بتعبير آخر هو كتابة التاريخ من أجل التاريخ نفسه وليس من أجل أي شيء آخر.

 

* وفيما تتمثل الإشكالية الأساسية في كتابة التاريخ الجزائري؟

** واقع التاريخ المعاصر في الجزائر خاصة أو باقي دول العالم بصفة عامة يقع في إشكالية كبيرة جدا، وهي من يكتب التاريخ؟. وهنا لا نتحدث عن المؤرخين، وإنما عن السياسيين أو بعبارة أخرى دعني أقول إن التاريخ للأسف الشديد يكتبه السياسي المنتصر، وبطبيعة الحال سيكتب تاريخا على مقاسه يجمّل به صورته بغض النظر عن الحقيقة التي يجانبها في الكثير من الأحيان. وببساطة التاريخ يكتبه المنتصر مثلما حدث في الحرب العالمية الثانية. مثلا فإن يوم 8 مـــاي 1945 هو يوم يحتفل فيه الفرنسيون والعالم بانتصارهم على محور الشر، لكنه بالنسبة للجزائريين هو يوم خانت فيه فرنسا “الطيبة” المنتصرة عهودها تجاههم وقتلت منهم أزيد من 45000 شهيد في يوم واحد. فخلاصة القول: إن التاريخ يكتبه المنتصر.

ومع هذا نجد في الجزائر نخبة من المؤرخين اجتهدوا في كتابة تاريخ الجزائر منهم المؤرخ مبارك الميلي وأبو القاسم سعد الله والهادي الحسني وغيرهم.

 

* على ذكرك للاجتهاد، وُظف هذا الأخير بشكل كبير خلال فترة العشرية السوداء فيما يعرف ركودا كبيرا الآن، أليس كذلك؟

** العشرية السوداء في الجزائر نقطة سوداء لا يمكن إخفاءها، وجرح عميق لم تشف بعد الجزائر من ألمه، والكتابة عما حدث أمر لابد منه بالرغم من قسوته وشدة وجعه، يجب أن نكتب عن ذلك بكل أمانة وبكل صدق ونعترف بكل أخطائنا حتى نجنب الأجيال القادمة الوقوع في نفس الأخطاء. أما فيما يتعلق بالاجتهاد في كتابة تاريخ الجزائر المعاصر في تلك الفترة تحديدا، فيرجع ذلك حسبي إلى بعث روح الأخوة بين الشعب والالتحام فيما بينهم.

 

* التاريخ في الأصل قصة تروى بهدف ترسيخ القيم لدى النشأ، كيف تنظرون إلى الأسلوب الذي تقدم به مادة التاريخ في مدارسنا؟

** السياسة التربوية ككل في الجزائر ما زالت بحاجة إلى تقيم وتقويم عميقين، وما لا يختلف فيه اثنان أن الأسلوب الذي تقدم به مادة التاريخ للتلاميذ في مختلف الأطوار الدراسية هو أسلوب تلقيني جاف، خال من التفاعل ما غرس في نفوس أبنائنا نوعا من الملل والنفور من مادة هامة جدا، وكان لابد من إدخال بعض من الوسائط المتعددة في العملية التعليمية لإحداث شيء من الحركية.

 

* في ختام الحوار ما هي آليات تطوير الكتابة التاريخية بهدف دحض ما تحمله الكتابات الاستعمارية من مغالطات مقصودة؟

** اللاموضوعية في جل الكتابات التاريخية الاستعمارية التي خاضت في تاريخ الجزائر دائما كانت تخدم سياسات ومخططات الاحتلال، فهناك الكثير من الأبحاث التاريخية تسعى إلى طمس الهوية الجزائرية، فمؤرخو الاستعمار الفرنسي زوّروا حقائق عديدة فجعلوا من أبطال الجزائر مجرمين ومن الدين الإسلامي ثقافة وفلكلور، فعلوا ذلك لأنهم ليسوا بمؤرخين صادقين.

أما آليات تطوير الكتابة التاريخية فتتمثل في وجوب تحلي المؤرخ بالموضوعية والحياد والإنصاف والصدق من جهة، وأن يسعى المؤرخ الجزائري إلى البحث عن الحقيقة فقط مهما كانت من جهة أخرى ويوثقها بحذافيرها السليمة حتى تقدم للأجيال القادمة.