قبل أيام من موعد الامتحان.. العائلة الجزائرية تستعد ليوم يُكرم فيه المرء أو يهان..

قبل أيام من موعد الامتحان.. العائلة الجزائرية تستعد ليوم يُكرم فيه المرء أو يهان..

الممتحنون.. اقبال على الفيتامينات والأعشاب

“الحلبة” لطرد القلق و”لخفاف” لتفتيح الذهن

يعيش المقبلون على البكالوريا “سوسبانس” حقيقي، حيث لم يعد يفصلنا عن موعد الامتحان سوى أيام قليلة، لذا يخوض الممتحنون رحلة البحث عن أي وسيلة لدخول أول يوم من الامتحان بكل ثقة.
يتسابق المترشحون لشهادة البكالوريا مع الزمن للظفر بتأشيرة ولوج الجامعة، فرغم استنفاد جميع طرق التحضير للامتحان، إلا أن القلق والخوف ترتفع وتيرتهما مع اقتراب الموعد، ولم يعد السهر أو تناول فنجان قهوة أو شاي بالنسبة للمترشحين كافيا للإعداد للامتحان، فالكل يبحث عن وسيلة بديلة تخفّف عنه الضغط، وتبعث في نفسه أمل النجاح منذ البداية، فالبعض يفضل الاستيقاظ فجرا، فيما يتبادل آخرون رنات أو رسائل قصيرة، ليتشاركوا السهر في مراجعة مواد أرّقتهم.

”الموعد اليومي” تقترب من المترشحين وتتعرف على ما يؤرقهم

يحلم التلاميذ بتذوق نشوة النجاح في البكالوريا في نهاية السنة، إلا أن الشعور بالخوف والقلق من هذا اليوم أصبح هاجسهم المشترك.
التلميذة ”كربالي سميرة”، تدرس في شعبة علوم الطبيعة والحياة، تقول إن الخوف و القلق دفعها لتزور طبيبة مختصة في علم النفس بالقرب من ثانويتها، ووجدت في هذه الطريقة متنفسا للتخفيف من الضغط، مع بدء العد التنازلي لامتحان البكالوريا.
تقول سميرة ”رغم أنني أستوعب الدروس جيدا، ومعدلي السنوي جيد، إلا أن الارتباك والخوف لا يفارقاني، ما دفعني لمراجعة مختصة نفسانية ساعدتني في إعادة الثقة في نفسي. ومع ذلك، أحاول التخلص من هذه الحالة، من خلال تنظيم برنامج المراجعة بين الفترة الصباحية والمسائية بمعدل أربع ساعات يوميا، كما أراجع دروسي أحيانا مع زميلاتي”.
أما ”ليديا”، فتلخيص الدروس هي الطريقة التي تعتمدها، وترى أن تقليص حجم الدرس يساعدها في الحفظ، خاصة أنها تدرس في شعبة آداب وفلسفة.
أما “مريم” فتحدثت بثقة كبيرة في نفسها، فقالت ”بدأ تحضيري للبكالوريا من مكتبة الثانوية، حيث ألتقي بزميلاتي لحل المقالات في المواد الأساسية، فيما أعتمد في البيت على ملخصاتي للدروس”.
”راني مبانيكي”.. هكذا قال التلميذ “فيصل” قبل أن ترتسم على محياه ابتسامة عريضة، ليضيف قائلا: ”هي المرة الثالثة التي سأجتاز فيها هذا الامتحان في شعبة العلوم التجريبية، فخوفي من تكرار تجربة الفشل أثّر على تحضيراتي، غير أنني وجدت الدعم من صديقي الذي يحرص على إيقاظي فجرا بواسطة الهاتف، أو رسالة قصيرة بعبارة “نوض تحفظ”.

ويقول التلميذ “رفيق. هـ” في شعبة آداب وفلسفة بنفس الثانوية، بأن الفضل في تحضيراته للبكالوريا يرجع لابنة عمته “زينب” التي تدرس معه في نفس القسم، وتقطن معه في نفس المنزل، حيث توقظه يوميا عند آذان الفجر بعد جهد كبير، ليراجعا سوّيا المواد الأساسية.
فـ ”ليلى ديدوم”، في شعبة تسيير واقتصاد، قسمت وقتها بين مراجعة الدروس العلمية ليلا والأدبية باكرا، وتحاول اختلاس بعض الوقت لمشاهدة التلفاز، إلا أن شقيقتها الكبرى لها بالمرصاد وتذكرها أينما كانت بالبكالوريا.

 

إقبال متزايد على المنشطات والفيتامينات

أكد عدد من الصيادلة بالعاصمة أن صيدلياتهم تعرف إقبالا كبيرا من طرف التلاميذ على شراء الفيتامينات والمنشطات التي يعتقدون أنها ستساعدهم في مراجعاتهم و تحضيراتهم للامتحانات النهائية، خاصة وأن المعروف عن هذه المواد منحها التركيز وإنعاش الذاكرة أو منع الإجهاد وقدم لنا أحد الصيادلة بعض الأسماء التي احتلت الصدارة كـ “أكسترا دو جانسون”، “توب فورم”، “سيرجنورس” وغيرها من الفيتامينات التي دخلت قائمة الأشياء المطلوبة من قبل التلاميذ، بعدما كان مشروب الطاقة “الراد بول” وحده يحظى بمثل هذه الشهرة.

الفيتامينات لا تحتاج إلى وصفة طبية

قال أسامة فرحاتي صيدلي مناوب بالعاصمة إن القانون لا يمنع بيع هذه الأدوية بدون وصفة طبية لأنها تدخل في زمرة الفيتامينات، وغالبا ما يلجأ الطالب أو التلميذ لطلب استشارة الصيدلي ليقدم له النصائح، ومع ذلك فإن الإدمان على تلك الأدوية من شأنه أن يشكل مضاعفات خطيرة على صحة التلميذ على المدى البعيد، حسب ذات المتحدث.

الأعشاب الطبية تزاحم الفيتامينات

إضافة إلى الفيتامينات والمنشطات التي تباع في الصيدليات، أصبح للأعشاب الطبية مكانة في قائمة مقتنيات التلاميذ وأوليائهم، في سبيل النجاح وتحقيق أعلى النتائج، حيث عرفت في الآونة الأخيرة محلات بيع الأعشاب إقبالا مكثفا من طرف التلاميذ، خاصة بعد انتشار بعض الوصفات التي يُقال إنها تساعد على تقوية الذاكرة وتسهيل استيعاب المعلومات، كالزنجبيل والعسل والحبة السوداء وإكليل الجبل.. ووصفات مُحضرة من خليط النعناع بالحبة السوداء، و “زيت الذاكرة”، الذي يقول المختصون في الأعشاب إنه ينشط الذاكرة وخليط المكسرات بالعسل. وتختلف أسعار هذه المستحضرات باختلاف الخلطات التي تدخل في صنعها، ويؤكد بعض التلاميذ أن الزنجبيل بالعسل له مفعول قوي جدا في تنشيط الذاكرة، كما أكد التلاميذ أنهم لا يخافون من هذه الخلطات لأن مكوناتها طبيعية ولا تدخل أي مستحضرات كيميائية في صناعتها.

 

مختصون: أعشاب الذاكرة كذبة والإفراط في الفيتامينات مضر بالصحة

حذر الأطباء من الإفراط في تناول الفيتامينات لأنها قد تشكل خطرا على المدى الطويل في حالة الإدمان عليها، كما يمكن للصيدلي الذي يبيع هذا النوع من الأدوية أن يقدم نصائحه في هذا المجال، لأن بيع الفيتامينات بدون وصفة لا يمثل خرقا للقانون، وفي الولايات المتحدة مثلا تباع في المحلات التجارية، لكنها في المقابل لا تشكل أي تأثير على تقوية الذاكرة ولا تعدو أن يكون لها دافع بسيكولوجي فقط على من يتعاطاها.

كما حذر المختصون من الإقبال على ما صار يعرف بأعشاب الذاكرة التي يتم الترويج لها عند بائعي الأعشاب، مؤكدا أن تأثير هذه الخلطات جد محدود على الذاكرة إذا كان نوع الأعشاب معروفا، أما في حالة إذا كانت الخلطات مجهولة فإنها قد تشكل خطرا حقيقيا على متعاطيها، خاصة بالنسبة لطلبة البكالوريا والثانويات الذين هم مراهقون في أوج مرحلة النمو، وقد يكون لهذه الخلطات عواقب وخيمة في حالة الإفراط في تناولها.

 

“ماء زمزم” و”الرقية” لاجتياز البكالوريا

تلجأ بعض العائلات الجزائرية قبل أيام من امتحانات آخر السنة إلى “الرقية الشرعية” كوسيلة لطرد الخوف والتوتر عن أبنائها المقبلين على الامتحان، وهذا من خلال الرقية في الماء الذي يمنح للممتحن لشربه خلال أيام الامتحان، وهذا ما أكدته لنا السيدة عقيلة التي تقوم برقية ابنها المقبل على امتحان البكالوريا وهي عادة دأبت عليها وتقوم بها منذ سنوات، وهناك بعض العائلات من تحتفظ بماء زمزم لتقديمه للابن الممتحن تيمنا به، خاصة أن شربه دائما يصاحبه الدعاء.

 

“الحلبة” و”لخفاف” والسكّر لطرد القلق

التحضير لامتحان شهادة البكالوريا يعتبر حدثا مميزا بالنسبة للعائلة الجزائرية التي يكون أحد أبنائها مقبلا على اجتيازه، لذا نجد أن كل الاهتمام ينصبُّ في العائلة حول المقبل على هذا الامتحان المصيري، وعلى غرار تحضير أشهى الأطباق والمأكولات التي يحبها الابن لتدليله وتحسيسه بالراحة للتركيز في المراجعة والإجابة على الأسئلة، نجد أن الأمهات يتشبثن بعادات الجدات كالاستعانة بـ “الحلبة” التي يصنع منها عدة أشياء كالشراب أو توضع في العسل الحر وتمنح للممتحن ليشربها أو يأكلها على الريق في الصباح، وهذا لطرد الخوف والقلق الذي يصيبه أثناء الامتحان، وفي هذا تقول “زينب” 42 سنة، إنها حرصت على تقديم الحلبة الممزوجة بالعسل الحر لجميع أولادها الذين اجتازوا امتحان البكالوريا، وهذا حسب ما ورثته من جدتها وأمها من عادات، وأكدت أن ابنها الأخير الذي سيجتاز امتحان البكالوريا هذه السنة ستعمل على أن تحضِّر له جميع الأطباق والحلويات التي يحبها، كما ستحضِّر له شراب الحلبة لطرد الخوف والقلق عنه.

والعادات التي ترافق الممتحنين في البكالوريا تكاد تكون نفسها في جميع أرجاء القطر الجزائري، فالأطباق التقليدية كالشخشوخة والبغرير والرفيس و”الطمينة” تكون سيدة المائدة في فترة الامتحانات خاصة في الشرق الجزائري، ومن بين الأطباق التي ارتبط اسمُها بالامتحانات المصيرية نجد “لخفاف” أو ما يسمى بـ “السفنج” والذي دأبت الأمهات على صنعه للأولاد قبل الامتحان وهذا بسبب الاعتقاد القائم بأنه يساهم في تنشيط وتخفيف الذاكرة مما يساعد على الاستيعاب أكثر.

 

”الأولياء مطالبون بتخفيف الضغط على المترشحين”

نصح رئيس اتحاد أولياء التلاميذ، السيد خالد أحمد، الأولياء بالاهتمام بأبنائهم المقبلين على اجتياز شهادة البكالوريا، حيث قال إنه لا بد من تخفيف الضغط عليهم، ومشاركتهم في تنظيم حصص المراجعة. وأبرز محدثنا أنه من الخطأ ضغط التلاميذ على أساتذتهم باستعجالهم لحل مواضيع دورات البكالوريا السابقة قبل إكمال البرنامج السنوي، ومن ثم مقاطعتهم للدروس في حال عدم استجابة الأساتذة، والاكتفاء إما بالمراجعة الفردية أو اللجوء للدروس الخصوصية.
من جانب آخر، حمّل مصدرنا المسؤولية للأولياء الذين يمارسون، حسبه، الضغط على أبنائهم طوال العام الدراسي، عوض مراقبتهم بطريقة ذكية وتوجيههم.

 

 

المختص في التنمية البشرية مدني الطاهر:

الغذاء الجيد وتحديد الهدف مفاتيح البكالوريا

قال المختص في التنمية البشرية بمركز البيان في البليدة، الأستاذ مدني الطاهر، إن هناك ثلاثة شروط كفيلة بالتحضير الأمثل للبكالوريا، وهي توفير الطاقة للجسم من خلال تناول الغذاء الجيد، التنفس، إلى جانب القيام بتمارين الاسترخاء، وتحديد الهدف، محذّرا من السهر.
وتكون كيفية تمكين الدماغ من تخزين المعلومات، واسترجاعها بسهولة، وذلك باتباع عدة شروط، يأتي في مقدمتها تناول الغذاء الجيد والمتوازن، حيث نصح بتناول الأغذية بطيئة الهضم في فطور الصباح، كالخبز والزبدة، الفواكه والعصائر، مع أخذ بعض السكريات الموجودة في العسل والتمر. أما بالنسبة لوجبة الغذاء، فمن الأحسن أن تكون مطبوخة في البيت، وتشمل كل أنواع الخضروات. في حين تكون وجبة العشاء خفيفة، حتى يستريح العقل. وركز المختص في التنمية البشرية، على ضرورة شرب المترشحين لكمية كبيرة من الماء أثناء الامتحان، مع أخذ الأكسجين، والجلوس المعتدل، الاسترخاء بالتنفس أو بالكتابة ببطء شديد. وشدّد المختص على ضرورة إعطاء راحة للعقل بين الإجابة عن سؤال وآخر، باعتبار أن المعلومات يتم استرجاعها في مرحلة الاسترخاء. ومن أهم النصائح التي وجهها في هذا الإطار التفكير الإيجابي لافتكاك شهادة البكالوريا.

 

 

نصائح المختص النفساني عبد الكريم لومة لأحسن تحضير

– الإلمام بجميع الدروس المحدّدة في العتبة دون استثناء، وتجنب المراجعة بطريقة انتقائية للدروس.
– تسطير برنامج يفصل بين الدروس السهلة والصعبة، مع تحديد النقاط الصعبة لكل درس في بطاقة.
– لا ينبغي أن يتجاوز عدد الطلبة في المراجعة الجماعية ثلاثة أفراد، في حين يكون حل التمارين بشكل فردي، ثم تناقش الحلول جماعيا.
– أثناء المراجعة الجماعية ينصح بأخذ رؤوس أقلام لجميع الدروس، مع إعداد ملخصات.
– ينصح في المراجعة الجمع بين مادة صعبة وأخرى سهلة، مثلا للعلميين تدرس الفيزياء مع اللغة الفرنسية، وللأدبيين الفلسفة مع الرياضيات.
– أحسن فترة للمراجعة في الفترة الصباحية بين الخامسة والسابعة صباحا.
– تناول غذاء متوازن، والأحسن ألا يتجاوز التلميذ فنجان قهوة يوميا.
– عدم التسرع عند دخول الامتحان، وقراءة الأسئلة عدة مرات.
– تصميم الإجابة في مسودة، ثم التفصيل في ورقة الإجابة.
– تتم الإجابة على الأسئلة التي يجد الطالب سهولة في الإجابة عليها، ثم يعود للبقية.
– الاعتماد على الملخص عند المراجعة بين امتحان وآخر وتجنب الكراس.
–  القيلولة لمدة 20 دقيقة مفيدة جدا.

لمياء بن دعاس