في نصرة الحبيب صلى الله عليه وسلم

   في نصرة الحبيب صلى الله عليه وسلم

 

لقد كان العرب قبل بعثته صلى الله عليه وسلم يعيشون في جاهلية جهلاء، يعيثون في الأرض كالأنعام، يعبدون الأصنام ويستقسمون بالأزلام، يأكلون الميتات ويؤدون البنات، ويسطو القوي منهم على الضعيف. ثم أذِن الله لليل أن ينجلي، وللصبح أن ينبلج، وللظلمة أن تنقشع، وللنور أن يشعشع؛ فأرسل الله رسوله الأمين الرؤوف الرحيم بالمؤمنين، أفضل البرية وأشرف البشرية؛ ” لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ “التوبة: 128. فاختاره الله للنبوة واجتباه، وأحبه للرسالة واصطفاه صلى الله عليه وسلم،

إن من أعظم حقوق النبي صلى الله عليه وسلم علينا، أن نطيعه ونتبع سنته، وننفذ أوامره، ونسلك طريقه، ونقتدي به؛ يقول الفضيل بن عياض رحمه الله: إن العمل إذا كان خالصًا ولم يكن صوابًا لم يقبل، وإذا كان صوابًا ولم يكن خالصًا لم يقبل، والصواب أن يكون على السنة، والخالص أن يكون لله، وقرأ ” فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ” الكهف: 110. ويقول الإمام مالك رحمه الله: السنة سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها هلك، ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها. يقول الله في كتابه العظيم: ” وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ” الحشر: 7، ويقول سبحانه: ” فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ”.

وأخبر سبحانه وتعالى أن الهداية والفلاح إنما تكون بطاعته صلى الله عليه وسلم: ” قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ” النور: 54، وحذَّر سبحانه من عصيان أوامر رسوله صلى الله عليه وسلم، فقال: ” وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ” الأحزاب: 36. فلا بد للمسلم من إتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم، والعمل بها والانقياد إليها، والثبات عليها؛ “عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عَضُّوا عليها بالنواجذ”، ويقول صلى الله عليه وسلم: “هذه سنتي، فمن رغب عن سنتي، فليس مني”. فلنسأل أنفسنا: كم من سنة خالفناها؟ وكم من أوامر عصيناها؟ وكم من حدود تجاوزناها؟ وكم من سنن تركناها؟ وكم من نواهٍ فعلناها؟ فرحماك رحماك ربَّنا بنا.

ومن حقوقه صلى الله عليه وسلم علينا أن نقرأ سيرته، وأن نتدبر حياته، ونستمع إلى أخباره؛ فإنه صلى الله عليه وسلم الأسوة والقدوة لنا في أمورنا كلها؛ ” لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ” الأحزاب: 21. فإن سيرته صلى الله عليه وسلم دواء للقلوب وصلاح للعقول، وشفاء للنفوس، وهي التطبيق العملي والتفسير التطبيقي، والنموذج الحي للقرآن الكريم، كما وصفته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها، بأنه كان قرآنًا يمشي على الأرض. ومن حقوقه صلى الله عليه وسلم علينا أن ننصره وأن نتصدى لكل من يسبه، أو يلفق التهم ضده، أو يحاول أن يطفئ نوره.