في مواجهة وباء كورونا

  في مواجهة وباء كورونا

مرت بنا أيام وأحداث اتخذت فيها بلادنا إجراءاتٍ واحترازات لحفظ النفوس والأبدان من وباء استشرى في العالم خطره وبان ضرره، فعُلقت الأسواق، وأُجلت الدراسة بشكل مؤقت، وبُذلت جهود، وتعاونت سواعد لمواجهة الوباء المسمى كورونا، ومحاصرته قبل تفشيه. وفي هذا الصدد نقول: إن في شريعة الإسلام إرشاداتٍ وتوجيهاتٍ ودواءً ناجعًا في مواجهة الأوبئة والأمراض؛ فعن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: “إذا سمعتُم به – يعني: الطاعون – بأرضٍ فلا تَقْدَموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارًا منه” رواه البخاري ومسلم، فمن هدي الإسلام أن مَنَعَ من الذهاب إلى المناطق المصابة بالوباء، ومنع الخروج منها لِمَن كان فيها، وهذا ما يُسمَّى في عصرنا بالحجر والعزل الصحي.

وفي المقابل ينبغي أن يقوى في النفس جانب التوكل على الله، وتفويض الأمر إليه والثقة به سبحانه؛ قال تعالى: “قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ” التوبة: 51؛ والمعنى: أننا والخلق جميعًا تحت مشيئة الله وقدره، وهو سبحانه مولانا؛ أي: ملجؤنا ومتولي تصريف أمورنا، فعلينا الرضا بأقداره وتفويض الأمور إليه. وفي الحين نفسه ينبغي أن نأخذ بجملة الأسباب التي أُمر بها العبد لمدافعة المرض؛ من التداوي، والبعد عن مسببات المرض وتجنبه؛ ففي صحيح مسلم عن الشريد بن عمرو الثقفي قال: “كان في وفد ثقيف رجل مجذوم، فأرسل إليه النبي صلى الله عليه وسلم: ارجع فقد بايعناك”، وفي الصحيحين: “لا يورد ممرض على مصحٍّ”؛ أي: لا يُدخِل صاحب الإبل إبلَه المريضة على الإبل الصحيحة؛ قال صلى الله عليه وسلم: “فرَّ من المجذوم فرارك من الأسد” رواه البخاري.

فهذه النصوص وغيرها تدل على وجوب الأخذ بالأسباب، وأنه من الشرع، ولا ينافي التوكل على الله، وعلى المسلم ألا يُفْرِط في الأخذ بالأسباب بحيث يعتقد أنها تدفع عنه المرض بنفسها، بل يعتقد أن الأمر كله لله، وأن ما قدره الله فلا راد له.